الثاني - قال قتادة يكونون قرناءهم في النار يلعنونهم ويتبرؤون منهم.
ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله (ألم تر) يا محمد (أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين).
أي لما سلط الكفار الشياطين على نفوسهم وقبلوا منهم واتبعوهم خلينا بينهم وبينهم حتى اغووهم، ولم نحل بينهم بالالجاء، ولا بالمنع، وعبر عن ذلك بالارسال على ضرب من المجاز. ومثله قوله (فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى اجل مسمى) (1) ويحتمل أن يكون أراد به يرسل الشياطين عليهم في النار بعد موتهم يعذبوهم ويلعنونهم، كما قال (فو ربك لنحشرنهم والشياطين) (2) ويقال أرسلت الباز والكلب على الصيد إذا خليت بينه وبينه. وقوله " تؤزهم أزا " أي تزعجهم إزعاجا. والاز الازعاج إلى الامر، أزه أزا وأزيزا إذا هزه بالازعاج إلى أمر من الأمور.
ثم قال تعالى " فلا تعجل " على هؤلاء الكفار " إنما نعد لهم عدا " الأيام والسنين. وقيل الأنفاس.
وقوله (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) أي اذكر يوم نحشر الذين اتقوا معاصي الله وفعلوا طاعاته إلى الرحمن وفدا اي ركبانا في قدومهم، ووحد لأنه مصدر وفد، ويجمع وفودا، تقول: وفدت أفد وفدا فأنا وافد. وقيل: انهم يؤتون بنوق لم ير مثلها، عليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد، فيركبون عليها حتى يصيروا إلى أبواب الجنة - في قول ابن عباس - وقيل: معناه يحشرهم الله جماعة جماعة.
قوله تعالى:
(ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا (78) لا يملكون