التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٣٨
لا يكون إلا في الشر، والمراد بالوعد - ههنا - الموعود. ومعنى مأتيا مفعولا. ويجوز في مثل هذا (آتيا) و (مأتيا) لان ما أتيته، فقد اتاك وما أتاك فقد أتيته، كما يقال أتيت على خمسين سنة وأتت علي خمسون سنة. وقيل معناه إنه كقولك اتيت خير فلان وأتاني خير فلان.
وقوله " بالغيب " معناه أن الجنة التي وعدهم بها ليست حاضرة عندهم بل هي غائبة. وقوله " لا يسمعون فيها لغوا " معناه لا يسمعون في تلك الجنة القول الذي لا معنى له يستفاد، وهو اللغو. وقد يكون اللغو الهذر من الكلام. واللغو، واللغا بمعنى واحد قال الشاعر:
عن اللغا ورفث التكلم (1) وقوله " إلا سلاما " يعني لكن سلاما وتحية من بعضهم لبعض، قال أبو عبيدة:
تقديره لا يسمعون فيها لغوا إلا انهم يسمعون سلاما. وقال الزجاج: المعنى لا يسمعون كلاما يؤثمهم إلا كلاما يسلمهم، فيكون استثناء منقطعا.
وقوله " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " قيل معناه في مقدار اليوم من أيام الدنيا، فذكر (الغداة والعشي) ليدل على المقدار، لأنه ليس في الجنة ليل، ولا نهار، وقيل: إنما ذكر ذلك، لان أسلم الا كلات اكلة الغداة والعشي، فهو أسلم من الاكل دائما أي وقت وجده، أو تكون اكلته واحدة.
وقوله " تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا " معناه إنما نملك تلك الجنة من كان تقيا في دار الدنيا بترك المعاصي، وفعل الطاعات. وإنما قال " نورث " مع أنه ليس بتمليك نقل من غيرهم إليهم، لأنه مشبه بالميراث من جهة أنه تمليك بحال استؤنفت عن حال قد انقضت من أمر الدنيا، كما ينقضي حال الميت من أمر الدنيا.

(1) مر تخريجه في 2 / 132، 164، 230
(١٣٨)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست