التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٤٤
أدلة الله الظاهرة وحججه الواضحة " قال الذين كفروا " بوحدانيته وجحدوا أنبياءه للذين صدقوا بذلك مستفهمين لهم وغرضهم الانكار عليهم " أي الفرقين خير مقاما " أي منزل إقامة في الجنة أو في النار " وأحسن نديا " اي مجلسا وقيل معناه أوسع مجلسا وأحسن نديا، فالندي المجلس الذي قد اجتمع فيه أهله، يقال: ندوت القوم اندوهم ندوا إذا جمعتهم في مجلس. وفلان في ندى قومه وناديهم بمعنى واحد واصله مجلس الندى وهو الكرم، وقال حاتم:
ودعوت في أولى الندي ولم * ينظر إلي بأعين خزر (1) والمراد بالفريقين فريق المشركين وفريق المؤمنين، فيفتخرون على المؤمنين بكثرة نعمهم وحسن أحوالهم وحال مجلسهم، فقال الله تعالى " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا " والإناث المتاع والرئي المنظر، وهو قول ابن عباس.
وقال ابن الأحمر: واحد الأثاث أثاثة كحمام وحمامة. وقال الفراء: لا واحد له، ويجمع اثة وأثث. ويجوز في " رئيا " ثلاثة أوجه في العربية: رئيا بالهمز قبل الياء، وريئا بياء قبل الهمزة وهو على قولهم راءني علي وزن راعني، وريا بترك الهمزة - في قول الزجاج - ويجوز أن يكون من الزاي انشد لابن دريد:
أهاجتك الضغائن يوم بانوا * بذي الزي الجميل من الأثاث (2) ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " قل " يا محمد " من كان في الضلالة " عن الحق والعدول عن اتباعه " فليمدد له الرحمن مدا " أي يمدهم ويحلم عنهم فلا يعاجلهم بالعقوبة، كما قال " ويمدهم في طغيانهم يعمهون " (3) وإنما ذكر بلفظ الامر ليكون

(1) تفسير الطبري 16 / 77، واللسان (خزر) (2) القرطبي 11 / 143 والشوكاني 3 / 336 وقد نبسوه إلى (محمد بن نمير الثقفي) وروايته (اشاقتك) ويمكن أن يكون هذا غير ذاك.
(3) سورة 2 البقرة آية 15
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست