التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٨١
وردوا عليك بذلك ونسبوك إلى الكذب " فقل لي عملي " أي إن كنت كاذبا فوباله علي " ولكم عملكم " أي ان كنتم غير محقين فيما تردونه علي وتكذبوني، فلكم جزاء عملكم، فأنتم تبرؤن مما أعمل وأنا أبرأ من أعمالكم. وفائدة ذلك الاخبار بأنه لا يجازى أحد الا على عمله، ولا يؤخذ أحد بجرم غيره كما قال تعالى " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (1) والبراءة قطع العلقة التي توجب رفع المطالبة وذلك كالبراءة من الدين، والبراءة من العيب في البيع، ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله هذا القول شكا منه فيما يجازي الله الكفار والمؤمنين به من الثواب والعقاب. وإنما قال على وجه التلطف لخصمه وحسن العشرة، وأن لا يستقبلهم بما يكرهونه من الخطاب فربما كان داعيا لهم ذلك إلى الانقياد والنظر في قوله. وقال ابن زيد: هذه الآية منسوخة بآية الجهاد، وعلى ما قلناه لا يحتاج إلى ذلك.
قوله تعالى:
ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون (42) آية.
اخبر الله تعالى ان من جملة هؤلاء الكفار " من يستمع إليك " يا محمد.
والاستماع طلب السمع، فهم كانوا يطلبون السمع للرد لا للفهم، فلذلك لزمهم الذم، فهم إذا سمعوه على هذا الوجه كأنهم صم لم يسمعوه حيث لم ينتفعوا به.
وقوله " أفأنت تسمع الصم " خطاب للنبي صلى الله عليه وآله بأنه لا يقدر على اسماع الصم الذين لا يسمعون، وبهم صمم، وهم الذين ولدوا صما، والأصم المفسد السمع بما يمنع من ادراك الصوت، وقد صم يصم صمما، والسمع إدراك الشئ بما به يكون مسموعا.

(1) سورة 6 الانعام آية 164 وسورة 17 الاسرى آية 15 وسورة 35 فاطر آية 18 وسورة 39 الزمر آية 7
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»
الفهرست