وأصل التعذير التقصير مع طلب إقامة العذر، عذر في الامر تعذيرا إذا لم يبالغ فيه. والفرق بين الاعتذار والتعذير، أن الاعتذار قد يكون بعذر من غير تصحيح الامر، والتعذير تقصير يطلب معه إقامة العذر فيه. واختلفوا في معنى " وجاء المعذرون " على قولين: قال قتادة واختاره الجبائي: انه من عذر في الامر تعذيرا إذا قصر. وقال مجاهد: جاء أهل العذر جملة على معنى المعتذرين. وقال الحسن:
اعتذروا بالكذب. وقال قوم: إنما جاء بنو عفار، خفاف بن ايماء بن رخصة وقومه.
ومعنى الآية أن قوما من الاعراب جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله يظهرون أنهم مؤمنون ولم يكن لهم في الايمان والجهاد نية فيعرفون نفوسهم عليه وغرضهم أن يأذن النبي صلى الله عليه وآله لهم في التخلف، فجعلوا عرضهم أنفسهم عليه عذرا في التخلف عن الجهاد وقوله " وقعد الذين كذبوا الله ورسوله " يعني المنافقين، لأنهم الذين كذبوا الله ورسوله فيما كانوا يظهرون من الايمان، فقال الله " سيصيب الذين كفروا منهم عذاب اليم " اي ينالهم عذاب مؤلم موجع في الآخرة.
قوله تعالى:
ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم (92) آية.
عذر الله تعالى في هذه الآية من ذكره ووصفه، فقال " ليس على الضعفاء " وهو جمع ضعيف، وهو الذي قوته ناقصة بالزمانة وغيرها " ولا على المرضى " وهو جمع مريض وهم الاعلاء " ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون " يعني من ليس معه نفقة الخروج وآلة السفر " حرج " يعني ضيق وجناح. وأصل الضيق الذي يتعذر معه الامر. وقوله " إذا نصحوا لله ورسوله " شرط تعالى في رفع الجناح والاسم عن