التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٥٥
الكاف في قوله " كالذين " في موضع نصب، والتقدير احذروا أن يحل بكم من العذاب والعقوبة كالذين. ويحتمل أن يكون المراد وعدكم الله على الكفر كما وعد الذين من قبلكم، فشبه المنافقين في عدولهم عن أمر الله للاستمتاع بلذات الدنيا بمن قبلكم مع أن عاقبة امر الفريقين يؤول إلى العقاب مع أن الأولين كانوا أشد من هؤلاء قوة في أبدانهم وأطول أعمارا وأكثر أموالا وأشد تمكينا فلم يقدروا ان يدفعوا عن نفوسهم ماحل بهم من عقاب الله.
وقوله " فاستمتعوا بخلاقهم " فالاستمتاع هو طلب المتعة وهي فعل ما فيه اللذة من المآكل والمشارب والمناكح. ومعناه انهم تمتعوا بنصيبهم من الخير العاجل وباعوا بذلك الخير الأجل فهلكوا بشر استبدال، كما تمتعتم أيها المنافقون بخلاقكم اي بنصيبكم والخلاق النصيب سواء كان عاجلا أو آجلا.
وقوله " وخضتم كالذي خاضوا " خطاب للمنافقين بأن قيل لهم خضتم في الباطل والكذب على الله كالذين تابعوهم على ذلك من المنافقين وغيرهم من الكفار " حبطت أعمالهم " لأنهم كانوا أوقعوها على خلاف ما أمرهم الله به فلم يستحقوا عليها ثوابا بل استحقوا عليها العقاب، فلذلك كانوا خاسرين أنفسهم ومهلكين لها بفعل المعاصي المؤدي إلى الهلاك وروي عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية:
ما أشبه الليلة بالبارحة كذلك من قبلكم هؤلاء بنوا إسرائيل لشبهنا بهم لا أعلم إلا أنه قال (والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم حجر ضب لدخلتموه) ومثله روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أبي سعيد الخدري مثله.
قوله تعالى:
ألم يأتهم نبا الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست