قوم من بني كنانة كان قد بقي من اجلهم تسعة اشهر، فقال الله تعالى " فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم " لا تحطوهم إلى الأربعة اشهر، وقال مجاهد: عنى بذلك جماعة من خزاءة ومدلج. وقال ابن عباس: توجه ذلك إلى كل من كان بينه وبين رسول الله عهد قبل براءة. وينبغي أن يكون ابن عباس أراد بذلك من كان بينه وبينه عقد هدنة أو إلى قوم من المشركين لم يتعرضوا له صلى الله عليه وآله بعداوة ولا ظاهروا عليه عدوه، لان النبي صلى الله عليه وآله صالح أهل هجر وأهل البحرين وايلى ودومة الجندل، وادرج، وأهل معنا، وهم ناس من اليهود في توجهه إلى تبوك أو في مرجعه منها، وله عهود الصلح والحرب غير هذه، ولم ينبذ إليهم بنقض عهد، ولا حاربهم بعد ان صاروا أهل ذمة إلى أن مضى لسبيله. ووفى لهم بذلك من بعده، فمن حمل ذلك على جميع العهود فقد أخطأ. وقال الحسن: هذا استثناء من قوله تعالى " اقتلوا المشركين "، " إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام " ثم نقلت إلى هاهنا وباقي الناس على خلافه.
وقوله " ثم لم ينقصوكم شيئا " النقصان حط العدة عن عدة، والزيادة الحاق العدة بعدة. والمعنى ثم لم ينقصوكم من شروطكم العهد شيئا، ولم يظاهروا عليكم أحدا فالمظاهرة المعاونة على العدو للظهور عليه فهؤلاء إن لم يعاونوا عليكم أحدا من أعدائكم ولا نقصوكم شيئا من حقكم في عهدهم فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم، وهو أمن من الله تعالى إلى أن يبلغوا المدة التي وافقهم عليها. قال قتادة: وهم مشركوا قريش كانوا عاهدوه في الحديبية وبقي من مدتهم أربعة اشهر بعد يوم النحر. والاتمام بلوغ الحد في العدة من غير زيادة ولا نقصان فهنا معناه امضاء الامر على ما تقدم به العهد إلى انقضاء اجل العقد. والمدد زمان طويل الفسحة، واشتقاقه من مددت له في الأجل للمهلة. والمعنى إلى انقضاء مدتهم.
وقرأ عطاء " ثم لم ينقضوكم " بالضاد المعجمة وهي شاذة (وأن) بفتح الهمزة، لان تقديره بأن الله برئ عمن المشركين، ولا يجوز أن يكون المراد نبذ العهد إلى