التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٢٧
" يعوشون " معناه يبنون، و (العرش) في هذا الموضع البناء، يقال: عروش مكة أي بناؤها، وقال أبو الحسن: هما لغتان، ومثله نبطش ونبطش ونحشر ونحشر، في أمثال ذلك.
قوله تعالى:
وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون (137) آية بلا خلاف.
قرأ حمزة والكسائي وخلف يعكفون - بكسر الكاف - الباقون بضمها وهما لغتان، ومثله يفسقون - بكسر السين - والضم، في أمثال ذلك.
المجاوزة الاخراج عن الحد يقال: جاوز الوادي جوازا إذا قطعه وخلفه وراءه وتقول: جاز يجوز جوازا، وأجازه إجازة، وجاوزه مجاوزة، وتجاوز تجاوزا، واجتاز اجتيازا، وتجوز تجوزا، وجوزه تجويزا، واستجاز استجازة. والبحر الواسع العظيم السعة من مستقر الماء مما هو أعظم من كل نهر، وأصله السعة، ومنه البحيرة التي يبحر أذنها أي توسع شقتها، وتبحر في العلم: إذا اتسع فيه، وقوي تصرفه به.
أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه حين أجاز قوم موسى وقطع بهم البحر وأنجاهم من العدو وأغرق عدوهم فرعون وقومه، وأنهم بلغوا إلى قوم عاكفين على أصنام لهم - ومعنى (العكوف) اللزوم للامر بالاقبال عليه والمراعاة له تقول: عكف عكوفا واعتكف اعتكافا، ومنه الاعتكاف لزوم المسجد للعبادة فيه، وعكف عليه أي واظب عليه - وأنه لما رأى قوم موسى أولئك العاكفين على أصنامهم والملازمين لها دعاهم جبلتهم إلى التشبيه بعبادة الأوثان، لما في طبع الانسان من الحكاية - أن قالوا لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة.
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»
الفهرست