والواجب تحريمها عقلا حتى يرد سمع بإباحته، لأنهم حرموا ذلك على وجه الكذب على الله، وانه أوجب ذلك إذا كانت على صفة مخصوصة. وإنما أعيبوا بأكلها بعد ذبحها، وهي حينئذ تجري مجرى الميتة، وذلك لا يعلم تحريمه عقلا، لأنهم ادعوا انه على وجه التذكية افتراء على الله، فقصدوا به هذا القصد، ولذلك أعيبوا بتملكها وان كانوا سبقوا إليها، وإنما وجب تحريم الانتفاع باستهلال الانعام، لان الايلام لا يحسن الا مع تضمن العوض الموافي عليه، وذلك مفتقر إلى السمع.
وقوله " افتراء " يعني كذبا، وفي نصبه قولان: أحدهما - قالوا:
افتراء على الله، الثاني - لا يذكرون اسم الله افتراء على الله، كأنه قيل: افتروا بتركهم التسمية الذي أضافوه إلى الله افتراء عليه.
قوله تعالى:
وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم (139) آية بلا خلاف.
قرأ ابن كثير " وان يكن " بالياء " ميتة " رفع. وقرأ ابن عامر الا الداحوني عن هشام، وأبو جعفر " تكن " بالتاء " ميتة " رفع. وقرأ أبو بكر عن عاصم الا الكسائي " يكن " باليا " ميتة " نصب. الباقون بالتاء " ميتة " نصب. وجه قراءة الأكثر ان يحمل على (ما) وتقديره وان يكن ما في بطون الانعام ميتة. ووجه قراءة ابن عامر ان يضيف الفعل إلى الميتة فيرتفع الميتة به، فلذلك أنث الفعل. ووجه قراءة أبي بكر ان ما في بطون الانعام مؤنث، لأنها من الانعام. ويجوز أن يكون أراد أن تكون الأجنة ميتة.
ووجه قراءة ابن كثير ان يضيف الفعل إلى الميتة، لكن لما لم يكن تأنيث الميتة