وقال أبو عبيدة " قبلا " أي معاينة، فعلى هذا من كسر القاف وفتح الباء أراد معناه عيانا، ومن قرأ بالضم فيهما قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - قال ابن عباس وقتادة وابن زيد: معناه مقابلة.
الثاني - قال مجاهد وعبد الله بن زيد: معناه قبيلا قبيلا أي جماعة جماعة فيكون جمع قبيل، وقبيل جمع قبيلة نحو سفين وسفينة ويجمع أيضا سفنا.
الثالث - قال الفراء انه جمع قبيل بمعنى كفيل نحو رغيف ورغف لقوله " أو تأتي بالله والملائكة قبيلا (1) " أي يضمنون ذلك.
قال أبو علي الفارسي: وهذا الوجه ضعيف لأنهم إذا لم يؤمنوا مع انزال الملائكة عليهم وكلام الموتى لهم مع ظهوره وبهوره ومشاهدته والضرورة إليه، فألا يؤمنوا بالمقالة التي هي قول لا يبهر ولا يضطر أجدر، اللهم الا ان يقال موضع الآية الباهرة انه جمع القبيل الذي هو الكفيل هو حشر كل شئ، وفي الأشياء المحشورة ما ينطق وما لا ينطق، فإذا نطق بالكفالة من لا ينطق كان ذلك موضع بهر الآية وكان ذلك قويا. فاما إذا حملت قوله " قبلا " على جمع القبيل الذي هو الصنف، فان موضع الآيات هو حشر جميع الأشياء جنسا جنسا، وليس في العادة ان يحشر جميع الأشياء إلى موضع واحد، فإذا اجتمعت كذلك كان ذلك باهرا وإذا حملت " قبلا " بمعنى مواجهة فإنه يكون حالا من المفعول به، والمعنى حشرناه معاينة ومواجهة، فيكون في معنى قراءة نافع " قبلا " أي معاينة. فأما قوله " العذاب قبلا " فمعناه مواجهة أو جمع قبيل. والمعنى يأتيهم العذاب صنفا صنفا. وقيل فيمن نزلت هذه الآية قولان:
أحدهما - قال ابن عباس: نزلت في الكفار أهل الشقاء الذين علم الله انهم لا يؤمنون على حال.
الثاني - قال ابن جريج: نزلت في المستهزئين الذين سألوا الآيات.