قرأ أبو بكر وحده " ولينذر " بالياء. الباقون بالتاء. من قرأ بالتاء، فلقوله " إنما أنت منذر من يخشاها " (1) وقوله " وانذر به الذين يخافون " (2) ومن قرأ بالياء جعل الكتاب هو المنذر، لان فيه إنذارا لأنه قد خوف به في قوله " هذا بلاغ للناس ولينذروا به " (3) وقوله " إنما أنذركم بالوحي " (4) فلا يمتنع أسناد الانذار إليه على وجه التوسع.
وقوله " وهذا كتاب " إشارة إلى القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله فعطف هذه الآية على ذكره الكتاب الذي جاء به موسى (ع) فلما وصفه قال تعالى " وهذا كتاب أنزلناه مبارك ". وانه مصدق لما بين يديه يعني ما مضى من كتب الأنبياء كالتوراة والإنجيل وغيرهما، وبين انه إنما أنزله لتنذر به أهل مكة وهي أم القرى، ومن حولها.
قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: أم القرى مكة، ومن حولها أهل الأرض كلهم وإنما خص أهل مكة بذلك لأنها أعظم قدرا لان فيها الكعبة ولان الناس يقصدونها بالحج والعمرة من جميع الآفاق. وإنذاره بالقرآن هو تخويفه إياهم بألوان عذاب الله وعقابه ان أقاموا على كفرهم بالله ولم يؤمنوا به وبرسوله.
وقوله: " والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به " يعني بالقرآن. ويحتمل أن يكون كناية عن محمد صلى الله عليه وآله لدلالة الكلام عليه، وهذا يقوي مذهبنا في أنه لا يجوز أن يكون مؤمنا ببعض ما أوجب الله عليه دون بعض. وبين انهم " على صلاتهم " يعني على أوقات صلاتهم " يحافظون " بمعنى يراعون أوقاتها ليؤدوها في الأوقات ويقوموا باتمام ركوعها وسجودها وجميع فرائضها.
وقيل سميت مكة أم القرى لأنها أول موضع سكن في الأرض، وقيل إن الأرض كلها دحيت من تحتها فكانت اما لها. وقال الزجاج سميت بذلك لأنها أعظم القرى شأنا.