التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢١٢
الضياء ولا معنى لتكريره دفعة ثانية. والحسبان جمع حساب على وزن شهبان وشهاب. وقيل في هذا الموضع انه مصدر حسبت الحساب أحسبه حسابا.
وحكي عن بعض العرب على ذلك حسبان فلان وحسبته أي حسابه. والحسبان - بكسر الحاء - جمع حسبانة، وهي وسادة صغيرة. ونصب حسبانا على تقدير بحسبان، فلما حذف الباء نصبه. وقال قوم: هو نصب لقوله " وجعل ".
وقوله: " ذلك تقدير العزيز العليم " أي هذا الذي وصفه بأنه فعله من فلقه الاصباح، وجعل الليل سكنا، والشمس والقمر حسبانا، تقدير الذي عز سلطانه فلا يقدر أحد أراده بسوء أو عقاب أو انتقام على الامتناع منه العليم بمصالح خلقه وتدبيرهم، لا تقدير الأصنام والأوثاق التي لا تسمع ولا تبصر ولا تفقه شيئا ولا تعقل.
قوله تعالى:
وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون 97) آية هذه الآية موصولة بالتي قبلها، ومعناهما متقارب، وهو أن الله تعالى عدد نعمه على خلقه وأن من جملتها أنه جعل لهم النجوم بمعنى خلقها ليهتدوا بها في أسفارهم في ظلمات البر والبحر، وأنه قد فصل آياته لقوم يعلمون.
وإنما أضاف الآيات إلى الذين يعلمون وان كانت آيات لغيرهم، لأنهم المنتفعون بها، كما قال " هدى للمتقين " وليس في قوله إنه خلقها ليهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ما يدل على أنه لم يخلقها لغير ذلك. قال البلخي: بل يشهد أنه خلقها لأمور جليلة عظيمة. ومن فكر في صغر الصغير منها وكبر الكبير، واختلاف مواقعها ومجاريها وسيرها، وظهور منافع الشمس والقمر في نشؤ الحيوان والنبات علم أن الامر كذلك. ولو لم يخلقها إلا للاهتداء لما كان
(٢١٢)
مفاتيح البحث: العزّة (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست