مجاهد واختاره الطبري والجبائي.
وقوله " تجعلونه قراطيس " أي تقطعونه فتجعلونه كتبا متفرقة وصحفا تبدون بعضها وتخفون بعضها، يعني ما في الكتب من صفات النبي صلى الله عليه وآله والبشارة به. ثم عطف على ما ابتدأ به من وصف الكتاب الذي جاء به موسى وانه نور وهدى، فقال " وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم " على لسان النبي صلى الله عليه وآله، ثم أجاب عن الكلام الأول، فقال " قل الله " وهذا معروف في كلام العرب، لان الانسان إذا أراد البيان والاحتجاج بما يعلم أن الخصم مقربه ولا يستطيع دفعه ذكر ذلك. ثم تولى الجواب عنه بما قد علم أن لا جواب له غيره.
وقوله " ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " يقال مثل هذا لمن قامت عليه الحجة الواضحة التي لا يمكنه دفعها، وليس على إباحة ترك الدعاء والانذار بل على ضرب من الوعيد والتهديد، كأنه قال دعهم فسيعلمون عاقبة أمرهم.
ويجوز أن يكون أراد: دعهم فلا تقاتلهم، ولا تعمل على قهرهم على قبول قولك إلى أن يؤذن لك في ذلك، فيكون إنما أباح ترك قتالهم لا ترك الدعاء والتحذير وترك البيان والاحتجاج " ويلعبون " رفعه لأنه لم يجعله جوابا لقوله " ذرهم " ولو جعله جوابا لجزمه، كما قال " ذرهم يأكلوا ويتمتعوا " (1) وكان ذلك جوابا وموضع " يلعبون " نصب على الحال، وتقديره ذرهم لاعبين في خوضهم. وقال قوم: إن هذه الآية مدنية مع الآيتين اللتين ذكرناهما في أول السورة، ويجوز أن يكون ذلك بمكة أيضا.
قوله تعالى:
وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون (92) آية بلا خلاف.