التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٧١
أي حالفها، وفي موضع آخر " قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله " (3) أي تحالفوا - وسئل الحسن فقيل له: أليس الله خلق آدم ليكون خليفة في الأرض قال: بلى، وقال وكان لابد له من أن يهبط الأرض، قال: لا والله، ولكن لو هبط مطيعا لله كان خيرا له من أن يهبط عاصيا، ولم يعاتبه الله على الهبوط، وإنما عاتبه على مخالفة الامر. وأصل القسم القسمة، قال أعشى بني ثعلبة:
رضيعي لبان ثدي أم تقاسما * باسحم داج عوض لا نتفرق (1) والقسم تأكيد الخبر بطريقة والله، وبالله، وتالله.
اخبر الله تعالى في هذه الآية ان إبليس حلف، لادم وحواء انه لهما ناصح في دعائهما إلى التناول من الشجرة ولذلك تأكدت الشبهة عندهما، وظنا ان أحدا لا يقدم على اليمين بالله إلا صادقا، فكان ذلك داعيا لهما إلى تناول الشجرة.
ويجوز ان تقول: اني لك لناصح، ولا يجوز ان تقول: أنا لك لناصح، لان لام الابتداء موضعها صدر الكلام لا تؤخر عنه الا في باب (ان) خاصة لئلا يجتمع حرفا تأكيد في موضع واحد، فيوهم اختلاف المعنى، لان الأصل في اجتماع الحرفين في موضع انه لا ينوب أحدهما عن الاخر، وتقدير الكلام، وقاسمهما اني لكما ناصح، ثم فسر ذلك بقوله من الناصحين ليكون متعلقا بقوله لمن الناصحين فقدم الصلة على الموصول، ومثله قوله " وانا على ذلكم من الشاهدين " (2) وتقديره وأنا على ذلكم شاهد، وبينه بقوله من الشاهدين.
قوله تعالى:
فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن

(3) سورة النمل آية 49.
(1) ديوان: 150 واللسان (عوض)، (سحم) وتفسير الطبري 12 / 350 (2) سورة 21 الأنبياء آية 56.
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست