التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٨
وقوله " فتكونا من الظالمين " يحتمل أن يكون نصبا على جواب النهي.
والثاني - أن يكون جزما عطفا على النهي، فكأنه قال لا تقربا هذه الشجرة، ولا تكونا من الظالمين. ومعنى " الظالمين " على مذهبنا المراد به الباخسين نفوسهم ثوابا كثيرا، والمفوتين نعيما عظيما. ومن قال: إنهما ارتكبا قبيحا قال: ظلما أنفسهما بارتكاب القبيح. وعلى مذهب من يقول بأن ذلك كانت صغيرة وقعت مكفرة لابد أن يحمل الظلم ههنا على نقصان الثواب الذي انحبط بمقارنة الصغيرة له، فأبو علي: ذهب إلى أن ذلك وقع منه نسيانا. وقال البلخي وقع منه تأويلا، لأنه نهي عن جنس الشجرة فتأوله على شجرة بعينها، وهذا خطأ، لان ما يقطع سهوا أو نسيانا لا يحسن المؤاخذة به. وأما الخطأ في التأويل فقد زاد من قال ذلك قبيحا آخر. أحدهما ارتكاب المنهي. والثاني الخطأ في التأويل به.
قوله تعالى:
فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (19) آية بلا خلاف.
قرأ يحيى بن كثير ويعلى بن حكيم " إلا أن تكونا ملكين " بكسر اللام من قوله " هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " الباقون بفتح اللام.
أخبر الله تعالى أنه لما نهى آدم وزوجته عن أكل الشجرة وسوس لهما الشيطان. والوسوسة الدعاء إلى أمر بضرب خفي كالهمهمة والخشخشة.
قال رؤبة مراجعة:
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق * سرا وقد أون تأوين العقق (1)

(1) ديوانه: 108 واللسان (؟؟) وهو من أرجوزة يصف بها صائدا مختفيا يرتقب حمر الوحش.
(٣٦٨)
مفاتيح البحث: الظلم (4)، النهي (3)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست