التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٩
وقال الأعشى:
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت * كما استعان بريح عشرق زجل (2) وقوله " ليبدي لهما " فالابداء الاظهار، وهو جعل الشئ على صفة ما يصح أن يدرك، وضده الاخفاء وكل شئ أزيل عن الساتر فقد أبدي.
وقوله " ما ووري " فالمواراة جعل الشئ وراء ما يستره. ومثله المساترة، وضده المكاشفة، ولم يهمز، لان الثانية مدة، ولولا ذلك لوجب الهمز.
وقيل للفرج سوأة، لأنه يسوء صاحبه إظهاره، وكلما قبح إظهاره سوأة، والسوء من هذا المعنى. وإذا بالغوا قالوا: السوأة السوآء، ولم يقصد آدم وحواء (عليهما السلام) بالتناول من الشجرة القبول من إبليس والطاعة له بل إنما قصدا عند دعائه شهوة نفوسهما، ولو قصدا القبول منه لكان ذلك قبيحا لا محالة. وقال الحسن لو قصدا ذلك لكانا كافرين.
وفرق بين وسوس إليه ووسوس له مثل قولك ألقى إليه المعنى، ووسوس له معناه أوهمه النصيحة له. فان قيل كيف وصل إبليس إلى آدم وحواء حتى وسوس لهما؟ وهو خارج الجنة، وهما في الجنة، وهما في السماء وهو في الأرض؟ قلنا: فيه أقوال.
أحدها - قال الحسن: كان يوسوس من الأرض إلى السماء وإلى الجنة فوصلت وسوسته بالقوة التي خلقها الله له.
الثاني - قال أبو علي إنهما كانا يخرجان من السماء فبلغهما وهما هناك.
الثالث - قال أبو بكر بن الاخشيد إنه خاطبهما من باب الجنة وهما فيها.
وقوله " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين " فيه قولان:
أحدهما - أن فيه حذفا وتقديره إلا أن تكونا ملكين ولستما ملكين.
ومعناه لئلا تكونا ملكين.

(2) ديوانه: 42 القصيدة 6.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست