التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٦١
قوله تعالى:
قال أنظرني إلى يوم يبعثون (13) قال إنك من المنظرين (14) آيتان.
في الآية الأولى حكاية عن إبليس أنه سأل الله تعالى أن ينظره. والانظار الامهال إلى مدة فيها النظر في الامر طال أمر قصر. والانظار والامهال والتأخير والتأجيل نظائر في اللغة، وبينها فرق. وضد الامهال الاعجال. وأصل الانظار المقابلة، وهي المناظرة. و (الجبلان يتناظران) أي يتقابلان، ونظر إليه بعينه أي قابله لينظر له ونظر إليه بيده، ليظهر له حال في اللين والخشونة أو الحرارة والبرودة.
وقوله " إلى يوم يبعثون " مدة للانظار الذي طلبه. والبعث الاطلاق في الامر، والانبعاث الانطلاق. والبعث والحشر والنشر والجمع نظائر.
ويجوز في " يوم يبعثون " ثلاثة أوجه من العربية: بالجر وترك التنوين على الإضافة، والجر مع التنوين على الصفة. والفتح وترك التنوين على البناء.
وليس بالوجه، لان الفعل معرب.
والوجه في مسألة إبليس الانظار - مع علمه أنه مطرود ملعون مسخوط عليه - علمه بأن الله يظاهر إلى عباده بالاحسان، ويعمهم بفضله وإنعامه، فلم يصرف ارتكابه المعصية وإصراره على الخطيئة عن المسألة طامعا في الإجابة، وعن انس من بلوغ المحبة.
وقيل في قوله " قال إنك من المنظرين " هل فيه إجابة إلى ما التمسه أم لا؟
فقال السدي وغيره: إنه لم يجبه " إلى يوم يبعثون " لأنه يوم القيامة، وهو يوم بعث لا يوم موت، ولكن انظر إلى يوم الوقت المعلوم، كما ذكره في سورة أخرى (1). ويقوي ذلك قوله " إنك من المنظرين " وليس لاحد

(1) سورة 38 ص آية 79 - 81.
(٣٦١)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست