أحد أمرين:
الأول - انه برحمته أمهلهم مع تكذيبهم، بالمؤاخذة عاجلا - في قول أبي علي الجبائي -.
الثاني - انه ذكر ذلك ترغيبا لهم في ترك التكذيب وتزهيدا في فعله وإنما قابل بين لفظ الماضي في قوله " كذبوك " بالمستقبل في قوله " فقل " لتأكيد وقوع القول بعد التكذيب إذ كونه جوابا يدل على ذلك. و (ذو) بمعنى صاحب. والفرق بينهما ان أحدهما يصح ان يضاف إلى المضمر، ولا يصح في الاخر، لان (ذو) وصلة إلى الصفة بالجنس، ولذلك جعل ناقصا لا يقوم بنفسه دون المضاف إليه، والمضمر ليس بجنس ولا يصح ان يوصف به.
وقوله " لا يرد بأسه " معناه لا يمكن أحدا أن يرده عنهم، وهو أبلغ من قوله بأسه نازل بالمجرمين، لأنه دل على هذا المعنى وعلى ان أحدا لا يمكنه رده. وقوله " عن القوم المجرمين " معناه ان أحدا لا يتمكن من رد عقاب الله عن العصاة المستحقين للعقاب مع أنه تعالى ذو رحمة واسعة.
قوله تعالى:
سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون (148) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله بأن هؤلاء المشركين سيحتجون في إقامتهم على شركهم، وعلى تحريمهم ما أحله الله من الانعام التي تقدم وصفها بأن يقولوا: لو شاء الله ان لا نفعل نحن ذلك ولا نعتقده ولا آباؤنا، أو أراد منا خلاف ذلك " ما أشركنا نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا " شيئا من ذلك. فكذبهم