على بغيهم.
فان قيل: كيف يكون التكليف عقابا، وهو تابع للمصلحة، ومع ذلك فهو تعريض للثواب؟؟
قلنا: إنما سماه عقوبة، لان عظيم ما أتوه من الاجرام والمعاصي اقتضى تحريم ذلك وتغير المصلحة، وحصول اللطف فيه، فلذلك سماه عقوبة، ولولا عظم جرمهم لما اقتضت المصلحة ذلك.
وقوله " وإنا لصادقون " يعني فيما أخبرنا به من تحريم ذلك على اليهود فيما مضى. وان ذلك عقوبة لأوائلهم ومصلحة لمن بعدهم إلى وقت النسخ.
وحكي عن ابن علية أنه كان يقول: ان ما يذبحه اليهود لا يجوز أكل شحمه وان جاز أكل لحمه، لان الشحوم كانت حراما عليهم. وعندنا ان ما يذبحه اليهود لا يجوز استباحة شئ منه، وهم بمنزلة الميتة غير أن الذي ذكره غير صحيح، لأنه يلزم عليه انه لو نحر اليهود جملا ان لا يجوز اكله، لأنه كان حراما عليهم، وذلك باطل عنده.
قوله تعالى:
فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين (147) آية بلا خلاف.
المعنى بقوله " فان كذبوك " قيل فيه قولان:
أحدهما - قال مجاهد والسدي: انهم اليهود، لأنهم زعموا أنهم حرموا الثروب، لان إسرائيل حرمها على نفسه، فحرموها هم اتباعا له دون أن يكون الله حرم ذلك على لسان موسى.
الثاني - انه يرجع إلى جميع المشركين في قول الجبائي وغيره على ظاهر الآية، فقال الله لنبيه " فان كذبوك " يا محمد في اني حرمت ذلك على اليهود على لسان موسى " فقل " لهم " ربكم ذو رحمة واسعة " واقتضى ذكر الرحمة