التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣١٣
قبول شهاداتهم، لأنها لا ترجع الا إلى دعوى مجردة. ولكن المذهب مع هذه الحال أبعد عن الصواب، لأنهم لا يجدون من يشهد لهم. وهو قول الحسن.
وقوله " ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا " نهى من الله لنبيه والمراد به أمته ان يعتقدوا مذهب من اعتقد مذهبه هوى، ويمكن اتخاذ المذهب هوى من وجوه.
أحدها - هوى من سبق إليه فقلده فيه.
والثاني - ان يدخل عليه شبهة فيتخيله بصورة الصحيح مع أن في عقله ما يمنع منه. ومنها - ان يقطع النظر دون غايته، للمشقة التي تلحقه فيعتقد المذهب الفاسد. ومنها - أن يكون نشأ على شئ وألفه واعتاده فيصعب عليه مفارقته. وكل ذلك متميز مما استحسنه بعقله.
وإنما قال " الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة " وكلهم كفار ليفصل وجوه كفرهم، لان منه ما يكون مع الاقرار بالآخرة كحال أهل الكتاب ، ومنه ما يكون مع الانكار كحال عبدة الأوثان. وقوله " وهم بربهم يعدلون " معناه يعدلون به عن الحق لاتخاذهم مع الله شركاء وإضافتهم إليه ما لم يقله وافترائهم عليه.
وفي الآية دلالة على فساد التقليد لأنه لو كان التقليد جائزا لما طالب الله الكفار بالحجة على صحة مذهبهم، ولما كان عجزهم عن الآيتان بها دلالة على بطلان ما ذهبوا اليه.
قوله تعالى:
قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»
الفهرست