التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢١٠
" فالق الحب والنوى... " و " فالق الاصباح " فقرأ " وجاعل الليل " ليكون (فاعل) المعطوف على (فاعل) المعطوف عليه، فيكون متشاكلا، لان من حكم الاسم ان يعطف على اسم مثله، لأنه به أشبه من الفعل بالاسم، وهذه المشاكلة مراعاة في كلام العرب، ومثله " فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة " (1) وقوله " يدخل من يشاء في رحمته والظالمين " (2) وقوله " وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا " (3) نصبوا هذا كاله ليكون القارئ بنصبها كالعاطف جملة من فعل وفاعل على جملة من فعل وفاعل، فكما أن الفعل أشبه من المبتدأ بالفعل، كذلك الاسم بالاسم أشبه من الفعل بالاسم، ويقوي ذلك قول الشاعر:
للبس عباءة وتقر عيني * أحب إلي من لبس الشفوف (4) ومن قرأ " وجعل " فلان اسم الفاعل الذي قبله بمعنى الماضي، فلما كان (فاعل) بمعنى (فعل) في المعنى عطف عليه بالفعل لموافقته له في المعنى ويدلك على أنه بمنزلة (فعل) أنه نزل منزلته فيما عطف عليه، وهو قوله " والشمس والقمر حسبانا " ألا ترى أنه لما كان المعنى (فعل) حمل المعطوف على ذلك فنصب الشمس والقمر على (فعل) لما كان فاعل كفعل. ويقوي ذلك قولهم: هذا معطي زيد درهما أمس، فالدرهم محمولا على (اعطى)، لان اسم الفاعل إذا كان لما مضى لم يعمل عمل الفعل، فإذا جعل (معطي) بمنزلة (أعطى) كذلك جعل (فالق) بمنزلة (فلق) لان اسم الفاعل لما مضى، فعطف على (فعل) لما كان بمنزلته، ولا يجوز حمل (جاعل) على الليل، لان اسم الفاعل إذا كان لما مضى لا يعمل عمل الفعل، وقد أجازه بعض الكوفيين.

(1) سورة 7 الأعراف آية 29 (2) سورة 76 الدهر آية 31 (3) سورة الفرقان آية 39 (4) حاشية الصبان على الأشموني 3 / 313 الشاهد 827 ويروى " ولبس " بدل " للبس ".
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست