التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٩
والنوى " خالقهما. وقال مجاهد وأبو مالك: هو الشق الذي في الحبة والنوى. والأول أقوى الأقوال.
وقال قوم: أراد باخراج الحي من الميت إخراج السنبل وهي حي من الحب وهو ميت، ومخرج الحب الميت من السنبل الحي، والشجر الحي من النوى الميت، والنوى الميت من الشجر الحي. والعرب تسمي الشجر ما دام غضا قائما بأنه حي، فإذا يبس أو قطع من أصله أو قلع سموه ميتا، ذهب إليه السدي والطبري والجبائي. وما ذكرناه أولا قول ابن عباس، وهو الأقوى، لأنه الحقيقة.
وما ذكروه مجاز، وإن كان جائزا محتملا.
وقوله " ذلكم الله فأنى تؤفكون " معناه أن فاعل ذلك كله الله تعالى فأنى وجوه الصد عن الحق أيها الجاهلون تصدون، وعن العذاب تصدفون، أفلا تتدبرون، فتعلمون أنه لا ينبغي أن يجعل لمن أنعم عليكم - فخلق الحب والنوى واخرج من الحي الميت، ومن الميت الحي، ومن الحب الزرع ومن النوى الشجر - شريك في عبادته مالا يضر ولا ينفع ولا يسمع ولا يبصر وفي الآية دلالة على بطلان قول من قال: إن الله تعالى يحول بين العبد وبين ما دعاه إليه إذ يخلق فيه ما نهاه عنه، لأنه قال: فانى تؤفكون، ولو كان شيئا من ذلك لكان هو المؤفك لهم والصارف. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ومعنى قوله " فاني تؤفكون " اي تصرفون عقولكم، وهو قول الحسن وغيره والافك هو الكذب.
قوله تعالى:
فالق الاصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم (96) آية بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة " جعل الليل " على الفعل. الباقون " جاعل " على الفاعل. من قرأ " جاعل " على وزن فاعل فلان قبله اسم فاعل، وهو قوله:
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست