التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٨٩
قوله تعالى:
وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالا من إن كنتم تعلمون (81) آية بلا خلاف.
في هذه الآية احتجاج من إبراهيم (ع) على قومه وتأكيد لما قدم من الحجاج لأنه قال لهم: وكيف تلزمونني ان أخاف ما أشركتم به من الأوثان المخلوقة وقد تبين حالهم، وانهم لا يضرون ولا ينفعون، وأنتم لا تخافون من هو القادر على الضر والنفع بل تتجرؤون عليه وتتقدمون بين يديه بأن تجعلوا له شركاء في ملكه وتعبدونهم من دونه، فأي الفريقين أحق بالأمن: نحن المؤمنون الذين عرفنا الله بأدلته ووجهنا العبادة نحوه؟ أم أنتم المشركون بعبادته غيره من الأصنام والأوثان؟ ولو أطرحتم الميل والحمية والعصبية لما وجدتم لهذا الحجاج مدفعا.
وقوله " ما لم ينزل به سلطانا " أي حجة لان السلطان هو الحجة في أكثر القرآن، وذلك يدل على أن كل من قال قولا واعتقد مذهبا بغير حجة مبطل.
وقوله " ان كنتم تعلمون " معناه ان كنتم تستعملون عقولكم وعلومكم وتحكمونها على ما تهوونه وتميل إليه أنفسكم.
وفي الآية دلالة على فساد قول من يقول بالتقليد وتحريم النظر والحجاج، لان الله تعالى مدح إبراهيم لمحاجته لقومه وامر نبيه بالاقتداء به في ذلك فقال " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه " (1). ثم قال بعد ذلك: " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " اي بأدلتهم اقتده.

(1) آية 83 من هذه السورة.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست