وحط من قدر الدعاء، والبيان والحجاج. ثم قال له صلى الله عليه وآله ان أنساك الشيطان ذلك " فلا تقعد بعد الذكرى " - والذكرى والذكر واحد - " مع القوم الظالمين " يعني هؤلاء الذين يخوضون في ذكر الله وآياته. ثم رخص للمؤمنين بقوله: " وما على الذين يتقون من حسابهم " (1) بأن يجالسوهم إذا كانوا مظهرين للتكبر عليهم غير خائفين منهم، ولكن ذكرى يذكرونهم أي ينبهونهم ان ذلك يسوءهم " لعلهم يتقون " ثم نسخ ذلك بقوله " وقد نزل عليكم في الكتاب ان إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها " إلى قوله: " انكم إذا مثلهم " (2) وبهذا قال سعيد بن جبير والسدي وجعفر بن مبشر، واختاره البلخي وقال: في أول الاسلام كان ذلك يخص النبي صلى الله عليه وآله ورخص المؤمنين فيه، ثم لما عز - الاسلام، وكثر المؤمنون نهوا عن مجالستهم ونسخت الآية.
واستدل الجبائي بهذه الآية على أنه لا يجوز على الأئمة المعصومين على مذهبنا التقية. (وقال: لأنهم إذا كانوا الحجة كانوا مثل النبي، وكما لا يجوز عليه التقية فكذا الامام - على مذهبكم -)!
وهذا ليس بصحيح، لأنا لا نجوز على الامام التقية فيما لا يعرف الا من جهته، كالنبي وإنما يجوز التقية عليه فيما يكون عليه دلالة قاطعة موصلة إلى العلم، لان المكلف علته مزاحة في تكليفه، وكذلك يجوز في النبي صلى الله عليه وآله أن لا يبين في الحال، لامته ما يقوم منه بيان منه أو من الله أو عليه دلالة عقلية، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله لعمر حين سأله عن الكلالة فقال (يكفيك آية الصيف) وأحال آخر في تعرف الوضوء على الآية، فأما ما لا يعرف الا من جهته، فهو والامام فيه سواء لا يجوز فيهما التقية في شئ من الاحكام.
واستدل الجبائي أيضا بالآية على أن الأنبياء يجوز عليهم السهو والنسيان قال بخلاف ما يقوله الرافضة بزعمهم من أنه لا يجوز عليهم شئ من ذلك. وهذا ليس بصحيح أيضا لأنا نقول إنما لا يجوز عليهم السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله، فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه أو يسهو عنه مما لم يؤد ذلك إلى