لأنه ائتمنه على وحيه ودينه ثم هذا لا تعارض بينه وبين الحديث المار إن الله إذا أراد رحمة أمة قبض نبيها قبلها لاحتمال كون المراد برحمتهم أمنهم من المسخ والقذف والخسف ونحو ذلك من أنواع العذاب وبإتيان ما يوعدون من الفتن بينهم بعد أن كان بابها منسدا عنهم بوجوده قال العامري: عنى هنا أئمة أصحابه الذين لازموا دوام صحبته سفرا وحضرا فتفقهوا في الدين وعلوم القرآن وساروا بهديه ظاهرا باطنا وهم القليل عددا من أصحابه يقتدي بهم كل من وقع في عمياء الجهل وقال الترمذي الحكيم: في حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم ليس كل من لقيه وتابعه أو رآه رؤية واحدة دخل فيه إنما هم من لازمه غدوا وعشيا فكان يتلقى الوحي منطويا ويأخذ عنه الشريعة التي جعلت منهاجا للأمة وينظر منه إلى أدب الإسلام وشمائله فصاروا من بعده أئمة أدلة فيهم الاقتداء وعلى سيرتهم الاحتذاء وبهم الأمان والإيمان (حم عن أبي موسى) الأشعري قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء فجلسنا فخرج علينا وقال: ما زلتم ههنا قلنا: صلينا معك المغرب ثم قلنا: لو جلسنا معك حتى نصلي العشاء قال: أحسنتم وأصبتم قال: فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إليها ثم ذكره ولم يخرجه البخاري.
9313 - (النجوم أمان) لفظ رواية الطبراني النجوم جعلت أمانا (لأهل السماء) بالمعنى المقرر (وأهل بيتي أمان لأمتي) شبههم بنجوم السماء وهي التي يقع بها الاهتداء وهي الطوالع والغوارب والسيارات والثابتات فكذلك بهم الاقتداء وبهم الأمان من الهلاك قال الحكيم الترمذي: أهل بيته هنا من خلفه على منهاجه من بعده وهم الصديقون وهم الأبدال قال: وذهب قوم إلى أن المراد بأهل بيته هنا أهل بيته في النسب وهذا مذهب لا نظام له ولا وفاق ولا مساغ لأن أهل بيته بنو هاشم والمطلب فمتى كان هؤلاء أمنا للأمة حتى إذا ذهبوا ذهبت الدنيا إنما يكون هذا لمن هم أدلة الهدى في كل وقت ومن قال أهل بيته ذريته فموجود في ذريته الميل والفساد كما يوجد في غيرها فمنهم المحسن والمسئ فبأي شئ صاروا أمانا لأهل الأرض فإن قيل بحرمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فحرمته عظيمة وفي الأرض أعظم حرمة من حرمة ذريته وهو كتاب الله ولم يذكره فالحرمة لأهل التقوى قال العامري البغدادي في شرح الشهاب: ذهب قوم غلب عليهم الجهل بالآيات والسنن والآثار إلى أن أهل البيت هنا أهل بيته لا غير وكيف يكونون أمانا مع ما وجد في كثير منهم من الفساد وتعدي الحدود، فإن قيل فحرمة القرابة قلنا حرمتها جليلة لكن حرمة كتاب الله أعظم من حرمة الذرية وحرمة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالنبوة والرسالة لا بالعشيرة وإنما المراد بهم هنا أهل التقوى وأبدال الأنبياء الذين سلكوا طريقه وأحيوا سنته وفي حديث آل محمد كل تقى وقال السمهودي: يحتمل أن المراد بأهل بيته هنا علماؤهم الذين يقتدى بهم كما يقتدى بالنجوم التي إذا خلت السماء منها جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون وذلك عند موت المهدي لأن نزول عيسى لقتل الدجال في زمنه كما جاءت به الأخبار، ويحتمل أن المراد مطلق أهل بيته وهو الأظهر لأنه سبحانه وتعالى لما خلق الدنيا لأجل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم جعل دوامها بدولته ثم بدوام أهل بيته (ع عن سلمة بن