فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ١٩٧
8750 - (من سره أن ينظر إلى امرأة) أي يتأملها بعين بصيرته لا ببصره فإنه إلى الأجنبية حرام أو أن ذلك قبل نزول الحجاب أو وهي ملتفة بإزارها أو المخاطب بذلك جماعة النسوة والمحارم فلا يقال النظر إلى الأجنبية حرام (من الحور العين) أي إلى امرأة كأنها من الحور من حيث الكمال والجمال وكونها من أهل الجنة (فلينظر إلى أم رومان) بنت عامر بن عويمر الكنانية على ما في التجريد أو بنت سبع بن دهمان على ما في الفردوس وهي زوج أبي بكر الصديق وأم عائشة وعبد الرحمن صحابية كبيرة الشأن واسمها زينب وقيل دعد، وزعم الواقدي ومن تبعه أنها ماتت في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم سنة سبع أو أربع أو خمس ونزل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قبرها واستغفر لها وجزم به الذهبي في التجريد لكن قال ابن حجر: الصحيح أنها عاشت بعده وبكونها زوجة الصديق يعلم خبط بعض موالي الروم حيث قال في محل إشكال النظر إليها قال في الفردوس: وهي بنت سبيع بن دهمان زوج أبي بكر أم عائشة. - (ابن سعد) في طبقاته (عن القاسم بن محمد مرسلا) قضية تصرف المصنف أنه لم يقف عليه مسندا لأحد وهو ذهول فقد خرجه أبو نعيم والديلمي من حديث أم سلمة قالت: لما دفنت أم رومان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره إلخ وعلى هذا فأم رومان ماتت في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم.
8751 - (من سرته حسنته) لكونه راجيا ثوابها مؤقنا بنفعها (وساءته سيئته فهو مؤمن) أي كامل الإيمان لأن من لا يرى للحسنة فائدة ولا للمعصية آفة فذلك يكون من استحكام الغفلة على قلبه فإيمانه ناقص بل ذلك يدل على استهانته بالدين فإنه يهون عظيما ويغفل عما لا يغفل الله عنه والمؤمن يرى ذنبه كالجبل والكافر يراه كذباب مر على أنفه فالمؤمن البالغ الإيمان يندم على خطيئته ويأخذه القلق كاللديغ لإيقانه بخبر الآخرة وشرها بخلاف غير الكامل فإنه لا ينزعج لذلك لتراكم الظلمة في صدره وعلى قلبه فيحجبه عن ذلك، ولهذا قال ابن مسعود فيما خرجه الحكيم الترمذي بأن المؤمن إذا أذنب فكأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه فتقتله والمنافق ذنبه كذباب مر على أنفه فعلامة المؤمن أن توجعه المعصية حتى يسهر ليله فيما حل بقلبه من وجع الذنب ويقع في العويل كالذي فارق محبوبه من الخلق بموت أو [ص 153] غيره فيتفجع لفراقه فيقع في النحيب فالمؤمن الكامل إذا أذنب يحل به أكثر من المصاب لحجبه عن ربه ومن أشفق من ذنوبه فكان على غاية الحذر منها لا يرجو لغفرها سوى ربه فهو يقبل على الله وهو الذي أراده الله من عباده ليتوب عليهم ويجزل ثوابهم، نعم السرور بالحسنة مقيد في أخبار أخر بأن شرطه ألا ينتهي إلى العجب بها فيسر بما يرى من طاعته فيطمئن إلى أفعاله فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة الأمارة اللوامة فيهلك، ولهذا قال بعض العارفين: ذنب يوصل العباد إلى الله تعالى خير من عبادة تصرفه عنه وخطيئة تفقره إلى الله خير من طاعة تغنيه عن الله. (تتمة) قال الراغب: من لا يخوفه الهجاء ولا يسره الثناء لا يردعه عن سوء الفعال إلا سوط أو سيف وقيل من لم يردعه الذم عن سيئة ولم يستدعه المدح إلى حسنة فهو جماد أو
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست