فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ١٩٣
وقيل: قلب الأحمق في فيه ولسان العاقل في قلبه. وقيل لبعضهم: كيف أنت في كتم السر قال: أستره وأستر أني أستره. - (طب والضياء) المقدسي (عن شهاب) ورواه الطبراني في الأوسط عن مسلمة بن مخلد قال رجاء بن حياة: سمعت مسلمة بن مخلد يقول: بينا أنا على مصر فأتى البواب فقال: إن أعرابيا بالباب يستأذن فقلت: من أنت قال: جابر بن عبد الله فأشرفت عليه فقلت: أنزل إليك أو تصعد قال: لا تنزل ولا أصعد حديث بلغني أنك ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر المؤمن جئت أسمعه قلت: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره لكنه قال: فكأنما أحيا موءودة فضرب بعيره راجعا. 8741 - (من ستر أخاه المسلم في الدنيا) في قبيح فعله وقوله (فلم يفضحه) بأن اطلع منه على ما يشينه في دينه أو عرضه أو ماله أو أهله فلم يهتكه ولم يكشفه بالتحدث ولم يرفعه الحاكم بالشرط المار (ستره الله يوم القيامة) أي لم يفضحه على رؤوس الخلائق بإظهار عيوبه وذنوبه بل يسهل حسابه ويترك عقابه لأن الله حيي كريم وستر العورة من الحياء والكرم ففيه تخلق بخلق الله والله يحب التخلق بأخلاقه، ودعى عثمان إلى قوم على ريبة فانطلق ليأخذهم فتفرقوا فلم يدركهم فأعتق رقبة شكرا لله تعالى أن لا يكون جرى على يديه خزي مسلم. - (حم عن رجل) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضية تصرف المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك بل هو في البخاري في المظالم والإكراه ومسلم في الأدب ولفظهما من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ولفظ البخاري من ستر على مسلم إلخ فليس فيما آثره إلا زيادة قوله في الدنيا وهو صفة كاشفة فليس بعذر في العدول عما في الصحيحين عندهم وممن رواه أيضا من الستة الترمذي في الحدود عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ ستره الله في الدنيا والآخرة وكذا أبو داود والنسائي في الرجم فضرب المؤلف عن ذلك كله صفحا واقتصاره على أحمد غير جيد على أن فيه عند أحمد مع كون صحابيه مجهولا مسلم بن أبي الدبال عن أبي سنان المدني قال الهيثمي:
ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات.
742 - (من سره) أي أفرحه والفرح كيفية نفسانية تحصل من حركة الروح التي هي القلب إلى خارج قليلا قليلا (أن يكون أقوى) في رواية أكرم (الناس) في جميع أموره وسائر حركاته وسكناته (فليتوكل على الله) لأنه إذا قوي توكله قوي قلبه وذهبت مخافته ولم يبال بأحد * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) [الطلاق: 3] وكفى به حسيبا، * (أليس الله بكاف عبده) [الزمر: 36] وليس في الحديث ما يقتضي ترك الاكتساب بل يكتسب مفوضا مسلما متوكلا على الكريم الوهاب معتمدا عليه طالبا منه غير ملاحظ لتسبب معتقدا أنه لا يعطي ويمنع إلا الله فلا يركن إلى سواه ولا يعتمد بقلبه على غيره، قال الغزالي:
طالب [ص 150] الكفاية من غيره هو التارك للتوكل وهو المكذب بهذه الآية فإن سؤاله في معرض الاستنطاق
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست