فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ١٢٦
كما أشار إليه الحديث السابق إن الله يدخل بالسهم الواحد الحديث وبحث بعضهم أنه يدخل في الثواب المذكور من حوط على بعضه وجعله مسجدا بغير بناء ومن يملك نحو بيت فوقفه مسجدا نظرا للمعنى وحقيقة البناء إنما هي المباشرة لكن المعنى يقتضي دخول الأمر به وإسناد البناء إلى الله مجاز وإبراز الفاعل فيه لتعظيم ذكره جل اسمه أو لئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده على باني المسجد. - (طب عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيثمي: فيه علي بن يزيد ضعف ورواه أيضا أحمد عن ابن عمرو، بفتح العين. قال الزين العراقي: وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه مقال.
8567 - (من بنى بناء أكثر مما يحتاج إليه كان عليه وبالا يوم القيامة) ومن ثم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وقيل في قوله تعالى * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا) [القصص: 83] أنه الرياسة والتطاول في البناء. قال القونوي: اعلم أن صور الأعمال أعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وإن كان من حيث الصيغة مطلقا فالأحوال والقرائن تخصصه وذلك أن بناء المسجد والربط ومواضع التعبد يؤجر الباني عليها اتفاقا فالمراد هنا إنما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه إلا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فهمة الباني وقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ولا نتيجة في الآخرة لأنه لم يقصد بما فعله أمرا وراء هذه الدار ففعله عرض زائل لا ثمرة له ولا أجر. - (هب عن أنس) وفيه بقية بن الوليد والكلام فيه مشهور والضحاك بن حمزة قال الذهبي في الضعفاء: قال النسائي: غير ثقة.
8568 - (من بنى) بناء (فوق ما يكفيه) لنفسه وأهله على الوجه اللائق المتعارف لأمثاله (كلف يوم القيامة أن يحمله على عنقه) أي وليس بحامل فهو تكليف تعجيز كما مر نظيره.
(تنبيه) قال حجة الإسلام: من أبواب الشيطان ووساوسه حب التزين في البناء والثياب والأثاث فإن الشيطان إذا رأى ذلك غالبا على قلب الإنسان باض فيه وفرخ فلا يزال يدعوه إلى عمارة الدار وتزيين سقوفها وحيطانها وتوسيع أبنيتها ويدعوه إلى التزين بالأثواب والدواب ويسخره فيها طول عمره وإذا أوقعه فيها استغنى عن معاودته فإن بعض ذلك يجره لبعض فلا يزال يدرجه من شئ إلى شئ حتى يساق إليه أجله فيموت وهو في سبيل الشيطان واتباع الهوى. - (طب حل عن ابن مسعود) قال في الميزان: هذا حديث منكر وقال الحافظ العراقي: إسناده فيه لين وانقطاع.
8569 - (من بنى) بناء وجعل ارتفاعه (فوق عشرة أذرع ناداه مناد من السماء) أي من جهة
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست