فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٦٤٧
تجد ريحه (وكير الحداد يحرق بيتك أو) ثوبك في رواية ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ولم يذكر البيت وهي أوضح (أو تجد منه ريحا خبيثة) بين به النهي عن مجالسة من يتأذى به دينا أو دنيا والترغيب فيمن ينتفع بمجالسته فيهما وجواز بيع المسك وطهارته. - (خ) في البيع (عن أبي موسى) الأشعري، قال الراغب: نبه بهذا الحديث على أن حق الإنسان أن يتحرى بغاية جهده مصاحبة الأخيار ومجالستهم فهي قد تجعل الشرير خيرا كما أن صحبة الأشرار قد تجعل الخير شريرا قال الحكماء: من صحب خيرا أصاب بركته فجليس أولياء الله لا يشقى وإن كان كلبا ككلب أهل الكهف ولهذا أوصت الحكماء الأحداث بالبعد عن مجالسة السفهاء، قال علي كرم الله وجهه: لا تصحب الفاجر فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله، وقالوا: إياك ومجالسة الأشرار فإن طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري وليس إعداء الجليس جليسة بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر إليه والنظر في الصور يورث في النفوس أخلاقا مناسبة لخلق المنظور إليه فإن من دامت رؤيته للمسرور سر أو للمحزون حزن وليس ذلك في الإنسان فقط بل في الحيوان والنبات فالحمل الصعب يصير ذلولا بمقاربة الجمل الذلول والذلول قد ينقلب صعبا بمقارنة الصعاب والريحانة الغضة تذبل بمجاورة الذابلة ولهذا يلتقط أهل الفلاحة الرمم عن الزرع لئلا تفسدها ومن المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة فما الظن بالنفوس البشرية التي موضعها لقبول صور الأشياء خيرها وشرها؟ فقد قيل سمي الإنس لأنه يأنس بما يراه خيرا أو شرا.
8131 - (مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه) قال بعض العارفين: في ضمنه إرشاد إلى الأمر بمجالسة من تنتفع بمجالسته في دينك من علم تستفيده أو عمل يكون فيه وأحسن خلق يكون فيه وأحسن خلق يكون عليه فإن الإنسان إذا جالس من تذكره مجالسته الآخرة فلا بد أن ينال منه بقدر ما يوفقه الله بذلك وإذا كان الجليس له هذا التعري فاتخذ الله جليسا بالذكر والقرآن. وفي الخبر القدسي أنا جليس من ذكرني. - (د ك) في الأدب (عن أنس) بن مالك قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي.
8132 - (مثل الرافلة في الزينة) أي المتبخترة فيها يقال رفل إزاره إذا أرخاه (في غير أهلها) أي فيمن يحرم نظره إليها (كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها) أي المرأة قال ابن العربي: معناه صحيح ظاهر فإن اللذة في المعصية عذاب والراحة نصب والشبع جوع والبركة محق والنور ظلمة والطيب نتن وعكسه الطاعات كخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ودم الشهيد اللون لون دم والريح ريح المسك قال في الفردوس: والرفل التمايل في المشي مع جر ذيل يريد أنها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متجسدة من ظلمة والمتبرجة بالزينة لغير زوجها يقال رفل ذيله أزاله وأسبله أرخاه. - (ت) عن (ميمونة بنت سعد) أو سعيد صحابية روى عنها أيوب بن خالد وغيره.
(٦٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 642 643 644 645 646 647 648 649 650 651 652 ... » »»
الفهرست