فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٦٤٤
8124 - (ما يخرج رجل شيئا من صدقة حتى يفك عنها لحيي سبعين شيطانا) لأن الصدقة على وجهها إنما يقصد بها ابتغاء مرضاة الله والشياطين بصدد منع الإنسان من نيل هذه الدرجة العظمى فلا يزالون يأبون في صده عن ذلك والنفس لهم على الإنسان ظهيرة لأن المال شقيق الروح فإذا بذله في سبيل الله فإنما يكون برغمهم جميعا ولهذا كان ذلك أقوى دليلا على استقامته وصدق نيته ونصوح طويته والظاهر أن ذكر السبعين للتكثير لا للتحديد كنظائره. - (حم ك) في الزكاة (عن بريدة) قال الحاكم:
على شرطهما وأقره الذهبي عليه في التلخيص وقال في المهذب: قلت لم يخرجوه.
8125 - (مانع الحديث أهله كمحدثه غير أهله) في كونهما سواء في الإثم، إذ ليس الظلم في منع المستحق بأقل من الظلم في إعطاء غير المستحق. - (فر عن ابن مسعود) وفيه إبراهيم الهجري وقد سبق ضعفه ويحيى بن عثمان قال الذهبي: جرحه ابن حبان.
8126 - (مانع الزكاة يوم القيامة في النار) أي نار جهنم وهذا حث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها حيث جعل المنع من أوصاف أهل الكفر الذين هم أهل النار. (تنبيه) منع الزكاة أكبر درجات البخل وأداؤها أقل درجات الجود والسخاء الذي هو البسط في الأيدي والأعضاء فلم يجد في المال حركة ولا موضعا ينشط فيه بالمشي لأن الحركات والسكنات في الآخرة إنما هي معاني الديانات لا يجد العبد إلا ما قدم ولا يتصرف إلا فيما كان فيه والمال له علاقة بقلب مالكه فهو يملكه ويشده ويضمه إليه بتلك العلاقة والمال طائع له وتابع حيثما تصرف بالعلاقة التي تجذبه بها إلى ملكه فمن لا يؤدي الزكاة فقد أحب المال الحب الكلي ومال به المال إليه وباستغراق الحب فيه تعبده المال وصار ذليلا لمحبوبه تعس عبد الدنيا وخاب وخسر في العقبى. واعلم أن التزكية من صفات الأرواح لأنها وصف من صفات المزكي سبحان هو تنزيه المتصف بها عن رذيلة البخل ووصفه بصفة الجود، لكن المقتصر على أداء الزكاة في أقل درجاتها وإنما التزكية فيمن بذل المال في وجوه البر. واعلم بأن الوجود كله متعبد لله بالزكاة. انظر إلى الأرض التي هي أقرب الأشياء إليك تجدها تعطي أقرب الخلق إليها وهم من على ظهرها جميع بركاتها لا تبخل عليهم بشئ مما عندها وكذا النبات يعطي ما عنده وكذا الحيوان والسماء والأفلاك الكل متعاون بعضه لبعض لا يدخر شيئا مما عنده في طاعة الله لأن الوجود كله فقير بعضه إلى بعض قد لزم الفقر وشملته الحاجة فعطف بعضه على بعض وإعطاؤه ما عنده هو زكاته فمانع الزكاة قد خالف أهل السماء والأرض وجميع الموجودات فلذلك وجب قتاله وقهره في الدنيا وأدخل النار في العقبى. - (طص عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: فيه سعد بن سنان وفيه كلام كثير وقد وثق ورواه عنه أيضا الرازي في مشيخته قال ابن حجر: إن كان هذا محفوظا فهو حسن وفيه رد على قول ابن الصلاح: لم نجد له أصلا.
(٦٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 639 640 641 642 643 644 645 646 647 648 649 ... » »»
الفهرست