فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٤٩٤
7690 - (ليس منا) أي من العاملين بسنتنا الجارين على طريقتنا (من لم يتغن بالقرآن) يعني لم يحسن صوته به لأن التطريب [ص 388] به أوقع في النفوس وأدعى للاستماع والإصغاء وهي كالحلاوة التي تجعل في الدواء لتنفيذه إلى أمكنة الداء وكالأفاوية التي يطيب بها الطعام ليكون الطبع أدعى قبولا له لكن شرطه أن لا يغير اللفظ ولا يخل بالنظم ولا يخفي حرفا ولا يزيد حرفا وإلا حرم إجماعا كما مر، قال ابن أبي مليكة: فإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع، والقول بأن المراد يستغني رده الشافعي بأنه لو أراد الاستغناء لقال من لم يستغن، نعم اعترض التوربشتي الأول بعد ما رجح جانب معنى الاستغناء فقال: المعنى ليس من أهل سنتنا أو ممن تبعنا في أمرنا وهو وعيد ولا خلاف بين الأمة أن قارئ القرآن مثاب في غير تحسين صوته فكيف يجعل مستحقا للوعيد وهو مأجور. قال الطيبي: ويمكن حمله على معنى التغني أي ليس منا معشر الأنبياء من يحسن صوته بالقرآن ويستمع الله منه بل يكون من جملة من هو نازل عن مرتبتهم فيثاب على قراءته كسائر المسلمين لا على تحسين صوته كالأنبياء ومن تبعهم فيه.
(خ) في التوحيد (عن أبي هريرة حم د حب ك) في الفضائل (عن سعد) بن أبي وقاص (وعن أبي لبابة) بضم اللام وموحدتين خفيفتين الأنصاري المدني واسمه بشير وقيل رفاعة (ابن عبد المنذر) صحابي بدري جليل مشهور. قال في التقريب: ووهم من سماه مروان (ك عن ابن عباس عن عائشة).
7691 - (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا) الواو بمعنى أو فالتحذير من كل منهما وحده فيتعين أن يعامل كلا منهما بما يليق به فيعطى الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه ويعطى الكبير حقه من الشرف والتوقير، قال الحافظ العراقي: فيه التوسعة للقادم على أهل المجلس إذا أمكن توسعهم له سيما إن كان ممن أمر بإكرامه من الشيوخ شيبا أو علما أو كونه كبير قوم كما في حديث جرير المار إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. - (ت) من رواية محمد بن مرزوق عن عبيد بن واقد عن زربي (عن أنس) بن مالك قال: جاء شيخ يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له فذكره ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب وزربي له مناكير عن أنس.
7692 - (ليس منا) يعني من أهل الكمال منا (من لم يرحم صغيرنا) يعني الصغير من المسلمين بالشفقة عليه والإحسان إليه (ويعرف شرف كبيرنا) بما يستحقه من التعظيم والتبجيل وعليك برحمة الخلق أجمعين ومراعاتهم كيفما كانوا فإنهم عبيد الله وإن عصوا وخلق الله وإن فضل بعضهم على بعض فإنك إذا فعلت نجح سعيك وسما جدك قال الحافظ العراقي: ويؤخذ من قوله شرف كبيرنا أنه إنما يستحق الكبير الإكرام إذا كان له شرف بعلم أو صلاح ونسب زكي كالشرف ويحتمل أن التعمير في
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»
الفهرست