فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٤٥٧
أوتي بل هو متجرد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه فكأنه فقير لشدة حرصه فالحريص فقير دائما (ولكن الغنى) المحمود المعتبر عند أهل الكمال (غنى) القلب وفي رواية (النفس) أي استغناؤها بما قسم لها وقناعتها ورضاها به بغير إلحاح في طلب ولا إلحاف في سؤال ومن كفت نفسه عن المطامع قرت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من كان فقير النفس فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته فيصغر في العيون ويحتقر في النفوس ويصير أذل من كل ذليل والحاصل أن من رضي [ص 359] بالمقسوم فكأنه واجد أبدا ومن اتصف بفقر النفس فكأنه فاقد أبدا يأسف على ما فات ويهتم بما هو آت فمن أراد غنى النفس فليحقق في نفسه أنه تعالى المعطي المانع فيرضى بقضائه ويشكر على نعمائه ويفزع إليه في كشف ضرائه وأنشد بعضهم من قصيدة:
وعند مليكك فابغ العلو * وبالوحدة اليوم فاستأنس فإن الغنى في قلوب الرجال * وإن التعزز في الأنفس وكم قد ترى من أخي عسرة * غني وذي ثروة مفلس ومن قائم شخصه ميت * على أنه بعد لم يرمس وقيل: أراد بغنى النفس حصول الكمالات العلمية والعملية وهو بعيد. - (حم ق ت ه عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.
7580 - (ليس الفجر بالأبيض المستطيل في الأفق) أي الذي يصعد إلى السماء وتسميه العرب ذنب السرحان وبطلوعه لا يدخل وقت الصبح (ولكن) الفجر الحقيقي الذي يدخل به وقته وتدور عليه الأحكام هو (الأحمر المعترض) أي المنتشر في أطراف السماء. - (حم عن) أبي علي (طلق بن علي) بن مدرك الحنفي السحيمي بمهملتين مصغرا الثماني صحابي له وفادة رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الحافظ العراقي: إسناده حسن.
7581 - (ليس الكذاب) أي ليس يأثم في كذبه من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم (بالذي) وفي رواية الذي (يصلح) بضم الياء (بين الناس) أي من يكذب لإصلاح المتشاجرين أو المتباغضين فإن قيل:
هذا الحديث يعارضه خبر إنه عليه السلام رأى الكذاب يعذب بالكلوب من حديد قلنا: العذاب على الكذب عام فيه كله وما جاء في غيره فهو تخصيص للعام وهذا هو الذي تناوله الحديث وكذا كل كذب يؤدي إلى خير كما أشار إليه بقوله (فينمي) بفتح أوله وكسر الميم مخففا أي يبلغ (خيرا) على وجه الإصلاح (ويقول خيرا) أي يخبر بما عمله المخبر عنه من الخير ويسكت عما عمله من الشر فإن ذلك
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست