فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٣٣٠
7217 - (لأن يلبس أحدكم ثوبا من رقاع) جمع رقعة وهي خرقة تجعل مكان القطع من الثوب (شتى) أي متفرقة يقال شت الأمر شتا إذا تفرق وقوم شتى على فعلى متفرقون (خير له من أن يأخذ بأمانته ما ليس عنده) أي خير له من أن يظن الناس فيه الأمانة أي القدرة على الوفاء فيأخذ منهم بسبب أمانته نحو ثوب بالاستدانة مع أنه ليس عنده ما يرجو منه الوفاء فإنه قد يموت ولا يجد ما يوفي به دينه فيصير رهينا به في قبره، وفيه تشديد عظيم في الاستدانة سيما لمن لا يرجو وفاء فيكره هذا هو المفتى به عند الشافعية ونقله في المجموع عن الشافعي وجمهور أصحابه لكن خالف في شرح مسلم فقال: إنها كراهة تحريم وعزاء للأصحاب بهذا الحديث وهو الأقوى دليلا. - (حم عن أنس) قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصراني وفي رواية يهودي ليبعث إليه أثوابا إلى الميسرة فقال: وما الميسرة والله ما لمحمد تاغية ولا راعية فرجعت فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كذب عدو الله والله أنا خير من بايع لأن يلبس إلخ قال الهيثمي: وفيه راو يقال له جابر بن يزيد وليس بالجعفي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات ورواه عنه البيهقي أيضا ورمز المصنف لحسنه.
7218 - (لأن يمتلئ جوف رجل) يحتمل أن المراد الجوف كله وما فيه من القلب وغيره وأن يراد القلب خاصة وهو الظاهر لقول الأطباء إذا وصل للقلب شئ من قيح حصل الموت (قيحا) أي مدة لا يخالطها دم (حتى يريه) بفتح المثناة التحتية من الورى بوزن الرمي غير مهموز أي حتى يغلبه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله أو حتى يفسده كما قاله البيضاوي هكذا في نسخ الكتاب ولفظ البخاري بإسقاط حتى وعليه ضبط يريه بفتح أوله وسكون ثالثه قال ابن الجوزي: ونرى جماعة من المبتدئين ينصبون يريه هنا جريا على العادة في قراءة الحديث الذي فيه حتى وليس هنا ما ينصب وتعقبه في التنقيح بأن الأصيلي رواه بالنصب على بدل الفعل من الفعل قال الزمخشري: القيح المدة وقاحت القرحة تقيح وورى الداء جوفه إذا أفسده وقيل لداء الجوف ورى لأنه داء دخل متوار ومنه قيل للسمين وار كأن عليه ما يواريه من شحمه اه‍. (خير له من أن يمتلئ شعرا) أنشأه أو أنشده لما يؤول إليه أمره من تشاغله به عن عبادة ربه قال القاضي: والمراد بالشعر ما تضمن تشبيبا أو هجاء أو مفاخرة كما هو الغالب في أشعار الجاهلية وقال بعضهم: قوله شعرا ظاهره العموم في كل شعر لكنه مخصوص بما لم يشتمل على الذكر والزهد والمواعظ والرقائق مما لا إفراط فيه وقال النووي: هذا الحديث محمول على التجرد للشعر بحيث يغلب عليه فيشغله عن القرآن والذكر وقال القرطبي: من غلب عليه الشعر لزمه بحكم العادة الأدبية الأوصاف المذمومة وعليه يحمل الحديث وقول بعضهم عنى به الشعر الذي هجا به هو أو غيره رد بأن هجوه كفر كثر أو قل وهجو غيره حرام وإن قل فلا يكون لتخصيص الذم بالكثير معنى. - (حم ق 4 عن أبي هريرة) ورواه مسلم أيضا عن سعد وأبو سعيد قال: بينما نحن نسير مع
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست