فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٥
عبد الرزاق أن آدم لما هبط كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فحطه الله إلى ستين ذراعا فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء فطرته وظاهر هذا الحديث أنه خلق ابتداء على طول ستين ذراعا وهو المعتمد (فلم تزل الخلق تنقص بعده) في الجمال والطول (حتى الآن) فانتهى التناقص إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك فإذا دخل الجنة عادوا إلى ما كان آدم عليه من الكمال والجمال وامتداد القامة وحسن الهامة وفي مثير الغرام في زيارة القدس والشام أن آدم كان أمرد وإنما حدثت اللحية لولده وكان أجمل البرية. (تنبيه) قال السمهودي ما ذكر من الصفات من طول آدم وغيره ثابت لكل من دخل الجنة كما تقرر فيشمل من مات صغيرا بل جاء ما يقتضي ثبوت جميع ذلك للسقط فروى البيهقي بسند حسن عن المقداد ما من أحد يموت سقطا ولا هرما وأنحاء الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاث وثلاثين فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم وصورة يوسف وقلب أيوب ومن كان من أهل النار عظم كالجبال، والآن بالنصب ظرف يعني حتى وصل النقصان إلى الوقت الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه الحديث قيل هذا مقدم في الترتيب على قوله فكل من يدخل الجنة إلخ (تنبيه) قال ابن حجر: يشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السابقة كديار ثمود فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة الطول على حسب ما يقتضيه الترتيب المار وعهدهم قديم والزمن الذي بينهم وبين آدم دون ما بينهم وبين أولاد هذه الأمة ولم يظهر لي إلى الآن ما يزيل هذا الإشكال (حم ق عن أبي هريرة) ورواه عنه الطبراني وغيره.
(1) والمراد بالصورة الصفة والمعنى أن الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك وإن كانت صفات الله لا يشبهها شئ.
3929 (خلق الله) أي قدر (مائة رحمة) ورحمته إرادة الأنعام أو فعل الإكرام (فوضع) منها (رحمة واحدة بين خلقه) أي بين جميع مخلوقاته من أنس وجن وحيوان وغيرها (يتراحمون بها) أي يرحم بعضهم بعضا بها حتى أن الدواب ترحم أولادها فترفع حافرها مخافة أن يصيبه فيؤلمه (وخبأ عنده مائة إلا واحدة) إلى يوم القيامة فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة الواسعة لم ييأس من الجنة كما مر ذلك مبسوطا (م ت عن أبي هريرة).
3930 (خلق الله التربة) يعني الأرض والترب والتراب والتربة واحد لكنهم يطلقون التربة على التأنيث ذكره ابن الأثير (يوم السبت) قال الحرالي: أصل السبت القطع للعمل ونحوه اه‍ وفيه رد زعم اليهود أنه أبتدأ في خلق العالم يوم الأحد وفرغ يوم الجمعة واستراح السبت قالوا: ونحن نستريح فيه كما استراح الرب وهذا من جملة غباوتهم وجهلهم إذ التعب لا يتصور إلا على حادث * (إنما أمرنا
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 ... » »»
الفهرست