فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥٩١
وقلة الأكل أصل لكل خير ولو لم يكن إلا تنوير الباطن وإفاضة النور على الجوارح لكفى، ونقل عن المعلم الأول أرسطو أنه قال يا أبناء الحكمة لا تتخذوا بطونكم قبورا للحيوانات ومعادن للجيف فإن ذلك يفضي بكم إلى التلف (حل عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الديلمي.
3923 (خلقت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما) إذا استمسكتم بهما (كتاب الله) القرآن (وسنتي) أمي طريقتي وهدايتي (ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض) الكوثر يوم القيامة وقد تقدم تقريره فيما فيه بلاغ (أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الدارقطني باللفظ المزبور وفيه كما قال الفرياني صالح بن موسى ضعفوه وعنه داود بن عمر الضبي قال أبو حاتم: منكر الحديث.
3924 (خلقان) تثنية خلق بالضم وهو الطبع والسجية (يحبهما الله) أي يرضاهما ويثيب عليهما ثوابا جزيلا (وخلقان يبغضهما الله) أي ينهى عنهما ويعاقب عليهما (فأما اللذان يحبهما الله فالسخاء) بالمد الجود والكرم (والسماحة) أي الإعطاء بطيب نفس وفي رواية للديلمي الشجاعة بدل السماحة (وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق والبخل) وهما مما يقرب إلى النار ويقود إليها كما في عدة أخبار (وإذا أراد الله بعبد خيرا) أي عظيما جدا كما يفيده التنكير (استعمله على قضاء حوائج الناس) أي ثم ألهمه القيام بحقها والوفاء بما استعمل عليه فمن وفقه الله لذلك فقد أنعم عليه بنعم جليلة يلزمه الشكر عليها وذلك علامة حسن الخاتمة لكن الأمر كله على النية والعمل لوجه الله تعالى لا الغرض ولا لعرض وإلا انعكس الحال فاعلم ذلك فإنه لا بد منه (هب) وكذا أبو نعيم والديلمي (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه الأصفهاني وغيره.
3925 (خلق الله الخلق) أي قدرهم والخلق التقدير وهو الأصل مصدر (فكتب آجالهم وأرزقهم) * (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * ومن رام منهم فوق ما فرض له من الرزق فقد كد نفسه وأتعب جسمه ولم يأت إلا ما قدر له (خط عن أبي
(٥٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 ... » »»
الفهرست