فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥٨٥
عند الشافعية وتحريما عند غيرهم وبه استدل الصاحبان على ذهابهما إلى جواز الكلام إلى خروج الإمام مخالفين لإمامهما في قوله خروج الإمام قاطع للصلاة والكلام (هق عن أبي هريرة) قال ابن حجر: ورواه مالك في الموطأ عن الزهري والشافعي من وجه آخر عنه وروي عن أبي هريرة مرفوعا قال البيهقي: وهو خطأ والصواب من قول الزهري وفي الباب ابن عمر مرفوعا اه‍.
3909 (خشية الله رأس كل حكمة) لأنها الدافعة لأمن مكر الله والاغترار الذي لا تنال الحكمة مع وجودهما (والورع سيد العمل) ومن لم يذق مذاق الخوف ويطالع أهواله بقلبه فباب الحكمة دونه مرتج ومن ثم كان الأنبياء أوفر حظا منه من غيرهم ومطالعتهم لأهوال الآخرة بقلوبهم أكثر ولهذا قيل إن إبراهيم عليه السلام كان يخفق قلبه في صدره حتى تسمع قعقعة عظامه من نحو ميل من شدة خوفه قال الحرالي والخشية وجل نفس العالم مما يستعظمه (القضاعي) في مسند الشهاب (عن أنس) ورواه عنه الديلمي من هذا الوجه باللفظ المزبور وزاد ومن لم يكن له ورع يحجزه عن معصية الله إذا خلا بها لم يعبأ الله بسائر عمله شيئا.
3910 (خص البلاء بمن عرف الناس) لفظ رواية الديلمي خص بالبلاء من عرفه الناس وفي رواية خص بالبلاء من عرف الناس أو عرفه الناس، قال شيخنا العارف الشعراوي: فالأول مبتلى بنفسه والثاني مبتلى بالناس وذلك لأن معرفتهم والتعرف إليهم وبهم توجب مراعاتهم وحفظهم والتحفظ منهم بحسب قلتهم وكثرتهم فالشخص مبتلى بمعارفه دينا ودنيا * (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة) * (وعاش فيهم من لم يعرفهم) أي عاش مع ربه وحفظ دينه بتركهم وفيه حجة لمن فضل العزلة وترك التعرف إيثارا للسلامة. قال الغزالي عن ابن عيينة رأيت سفيان الثوري في النوم كأنه في الجنة يطير من شجرة إلى شجرة يقول * (لمثل هذا فليعمل العاملون) * فقلت أوصني قال: أقل من معرفة الناس. وقال الفضيل: هذا زمان احفظ لسانك واخف مكانك وعالج قلبك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر، وقال الطائي: صم عن الدنيا واجعل فطرك الآخرة وفر من الناس فرارك من الأسد، وقال أبو عبيد: ما رأيت حكيما قط إلا قال لي عقب كلامه: إن أحببت أن لا تعرف فأنت من الله على بال (القضاعي) في مسند الشهاب (عن محمد بن علي) بن أبي طالب الهاشمي أبي القاسم بن الحنفية (مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال وأنه لا يوجد مسندا وإلا لما عدل للمرسل بخلافه أما أولا فلأن جمعا منهم السخاوي ضعفوه فقالوا: ضعيف مع إرساله وأما ثانيا فلأن الديلمي وابن لآل والحلواني خرجوه مسندا من حديث عمر بن الخطاب فاقتصار المصنف على ذلك غير صواب.
(٥٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 580 581 582 583 584 585 586 587 588 589 590 ... » »»
الفهرست