فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٥
بحيث لا ينسى فإنه أخبر بأنه مما ينسى وليس المراد الخبر عنه بذلك بل إنه يسرع إليه النسيان دون غيره لكثرة تشابهه فيكون قد حث على تكرار تعلمه ومداومة مدارسته فكأنه يقول تعلموا الفرائض وكرروها فإنها تنسى ومصداقه موجود فإنها أسرع العلوم نسيانا وأحوجها إلى المذاكرة والرياضة فيه بعمل المسائل وقال الماوردي: إنما حث على علم الفرائض لأنهم كانوا قريبين العهد بغير هذا التوارث ولئلا يعطل بتشاغلهم بعلم أعم منه في عباداتهم ومعاملاتهم فيؤدي إلى انقراضه (وهو أول شئ ينزع من أمتي) أي ينزع علمه منهم بموت من يعلمه وإهمال من بعدهم له. (تنبيه) قال بعضهم: قد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم عن هذا العلم أنه ينسى وأنه أول ما ينسى وخبر الصادق واجب الوقوع وواجب الوقوع لا يرفعه تعلمه ولا غيره فكيف أوقعه موقع العلة للحث على تعلمه؟ وأجيب بأن تعلم العلم من حيث هو فخار في الدارين وزمن الانتزاع غيب عنا فكأنه حث على تعلمه واغتنام زمن وجوده وانتهاز الفرصة في تحصيله قبل انتزاعه فيفوت تحصيل أجره وذلك يدل على عظم شأنه فهو كخبر حجوا قبل أن لا تحجوا أي اغتنموا فرصة الإمكان والفوز بهذا الثواب العظيم قبل أن يفوت لأنه فائت (ه ك) في الفرائض (عن أي هريرة) قال الحافظ الذهبي: فيه حفص بن عمر بن العطاف واه بمرة وقال ابن حجر : مداره على حفص هذا وهو متروك قال البيهقي: تفرد به حفص وليس بقوي.
3326 (تعلموا الفرائض والقرآن وعلموا الناس فإني مقبوض) قال الطيبي: هذا كقوله تعالى:
* (إنما أنا بشر مثلكم) * أي كوني امرءا مثلكم علة لكوني مقبوضا لا أعيش أبدا وتمامه وأن العلم سيقبض أي بموت أهله كما تقرر وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في فريضة فلا يجدان من يفصل بينهما قال التوربشتي: ذهب بعضهم إلى أن الفرائض هنا علم المواريث ولا دليل معه والظاهر أن المراد ما افترضه الله على عباده وقيل أراد السنن الصادرة منه المشتملة على الأمر والنهي الدالة على ذلك كأنه قال تعلموا الكتاب والسنة فإني مقبوض أي سأقبض أراد به موته وخص هذين القسمين لانقطاعهما بقبضه إذ أحدهما أوحي إليه والثاني إعلام منه للأمة به (ت) في الفرائض من حديث شهر بن حوشب (عن أبي هريرة) وقال فيه اضطراب انتهى فاقتصار المصنف على عزوه له وحذفه ما عقبه له من بيان علته غير مرضي وقضية صنيع المؤلف أيضا أن الترمذي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه فقد قال الحافظ في الفتح: خرجه أحمد والترمذي والنسائي وصححه الحاكم بلفظ تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض حتى يختلف اثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما انتهى قال الحافظ: رواته موثقون إلا أنه اختلف فيه على عوف الأعرابي.
3327 (تعلموا القرآن واقرأوه وارقدوا) أي اجعلوا آخر عملكم بالليل قراءة شئ منه كآية
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست