فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦
قعرها إلا الذي خلفها وهذا وعيد شديد يفيد أن الغصب كبيرة بل يكفر مستحله لكونه مجمعا عليه معلوما من الدين بالضرورة وفيه إمكان غصب الأرض وأنه من الكبائر وأن غصبها أعظم من غصب غيرها إذ لم يرد فيه مثل هذا الوعيد وأن من ملك أرضا ملك سفلها إلى منتهى الأرضين وله منع غيره من حفر بئر أو سرداب تحتها وأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها بما فيه من حجر ومدر ومعدن وغيرها وله أن ينزل في الحفر ما شاء ما لم يضر ببناء جاره وأن الأرضين السبع متراكمة لم يفتق بعضها من بعض إذ لو فتقت لاكتفى في حق الغاصب بتطويق التي غصبها لانفصالها عما تحتها، وأن الأرضين السبع طباق كالسماوات وغير ذلك (حم طب) وكذا ابن أبي شيبة (عن أبي مالك الأشجعي) التابعي قال ابن حجر: سقط الصحابي أو هو الأشعري فليحرر كذا رأيته بخطه ثم قال إسناده حسن انتهى. والظاهر من احتماليه: الأول فإن أحمد خرجه عن أبي مالك الأشعري ثم خرجه بالإسناد نفسه عن أبي مالك الأشجعي فلعله أسقط الصحابي سهوا قال الهيثمي: وإسناده حسن وذكر المؤلف أن تطويق الأرض المغصوبة رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة وغيرها متواترا وليس مراده هذا الحديث كما وهم بدليل أنه لما سرد من رواه من الصحابة لم يذكروا الأشجعي.
1183 - (أعظم الظلم ذراع) أي ظلم أي غصب ذراع (من الأرض) أو نحوها (ينتقصه المرء من حق أخيه) في الإسلام وإن لم يكن من النسب وذكر الأخ للغالب فالذمي كذلك وشمل الحق ملك الرقبة وملك المنفعة (ليست حصاة أخذها) منه (إلا طوقها يوم القيامة) على ما تقرر وذكر الذراع والحصاة لينبه على أن ما فوق ذلك أبلغ في الإثم وأعظم في الجرم والصعوبة والعقوبة والقصد بذكر الحصاة ونحوها مزيد الزجر والتنفير من الغصب ولو لشئ قليل جدا وأنه من الكبائر (طب عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه.
1184 - (أعظم) لفظ رواية الشيخين فيما وقفت عليه إن أعظم (الناس أجرا) أي ثوابا وهو نصب على التمييز (في الصلاة أبعدهم) بالرفع خبر أعظم الناس (إليها ممشى) بفتح فسكون تمييز، أي أبعدهم مسافة إلى المسجد لكثرة الخطا فيه المتضمنة للمشقة (فأبعدهم) أي أبعدهم ثم أبعدهم فالفاء هنا بمعنى ثم وأما قول الكرماني للاستمرار كالأمثل فالأمثل فمنعه العيني بأنه لم يذكر أحد من النحاة أنها تجئ بمعناه واستثنى من أفضليته بعد الدار عن المسجد الإمام ومن تعطل القريب لغيبته ولا يعارض هذا الحديث خبر فضل البيت القريب من المسجد على البعيد كفضل المجاهد على القاعد، لأن هذا راجع لتعيين البقعة والأول للفعل (والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام) ولو في آخر
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»