والأرضين وما فيهن وزن بها لوزنتهن. قال الحكيم فنعم الواهب ونعم الموهوب له ونعمت المواهب فمن قام بها كان من الأولياء فإنها عماد الأعمال فبالتسبيح تطهر الأعمال وبالتقديس والتحميد تحط الأثقال وبالتهليل تقبل الطاعات وبالتكبير ترفع وتنال المثوبات وهذه الكلمات تطرق إلى مالك الملك وتسهل السبيل إليه وتشفع وتزبن وبهن يقرع الباب إذا وعت القلوب معانيها في الصدور وزينتها العقول لأفئدة القلوب وأشرقت أنوارها في الرؤيات من بين أودية الأفكار، وعلى بصائر أسماع هواجس الإخلاص، ثم يعلم من شأنه ه. ا لا يماثله غيره ولا يستحق الألوهية سواه فيكشف له من ذلك أنه أكبر إذ كل شئ هالك إلا وجهه، وقال ابن القيم: الثناء أفضل من الدعاء ولهذا عدلت الإخلاص ثلث القرآن لأنها أخلصت لوصف الرحمن والثناء عليه فلذا كان سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أفضل الكلام بعد القرآن (حم عن رجل) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث سمرة أيضا بلفظ أفضل الكلام أربع سبحان الله إلى آخر ما هنا بل رواه مسلم في الأسماء والصفات والنسائي في يوم وليلة عن سمرة أيضا بلفظ أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت انتهى وقد مر ويجئ أن الحديث إذا كان في الصحيحين أو أحدهما فليس لحديثي عزوه لغيره.
1292 - (أفضل المؤمنين) أي المسلمين لأنه الملائم لقوله الآتي أفضل المؤمنين إيمانا (إسلاما من سلم المسلمون) والمسلمات المعصومون وكذا من له ذمة أو عهد معتبر (من لسانه ويده) أي من التعدي بأحدهما أي المسلم الممدوح المفضل على غيره من ضم إلى أداء حقوق الله حق المسلمين، ولم يذكر الأول لفهمه بالأولى، إذ من أحسن معاملة الناس أحسن معاملة ربه بالأولى فالمراد بمن سلم المسلمون منه من لم يؤذ مسلما بقول أو فعل وخص اليد مع أن الفعل قد يحصل بغيرها لأن سلطنة الأفعال إنما تظهر بها إذ بها نحو البطش والقطع والأخذ والمنع والإعطاء أو لأن الإيذاء باليد واللسان أكثر وقوعا، فاعتبر الغالب. قال الزمخشري: لما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدي غلبت فقيل في كل عمل هذا مما عملت أيديهم وإن كان عملا كان يمكن فيه المباشرة باليد وقدم اللسان لأن إيذاءه أكثر وأسهل ولأنه أشد نكاية، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لحسان: أهج المشركين فإنه أشد عليهم من رشق النبل قال الشاعر:
جراحات السنان لها التئام * * * ولا يلتام ما جرح اللسان قال البيضاوي: من لم يراع حكم الله في زمام المسلمين والكف عنهم لم يكمل إسلامه ولم تكن له جاذبة نفسانية إلى رعاية الحقوق وملازمة العدل فيما بينه وبين الناس، فلعله لا يراعي ما بينه وبين الله فيخل بإيمانه، وعلم ما تقرر أنه أراد باليد ما يشمل المعنوية كالاستعلاء وليس من الإيذاء إقامة حد وإجراء تعزير بل هو في الحقيقة إصلاح له وطلب للسلامة لهم ولو في الاستقبال. واعلم أن الإسلام