1294 - (أفضل المؤمنين إيمانا) عام مخصوص أي من أفضلهم لأن العلماء الذين حملوا الناس على الشرائع والسنن وذبوا عن الدين أفضل إيمانا من هذا ومن المجاهدين ونحوهم ممن مر ويجئ وكذا يقال فيما قبله وبعده (الذي إذا سأل) بالبناء للفاعل (أعطى) بالبناء للمفعول أي أعطاه الناس ما طلبه بيسر وسهولة محبة له واعتقادا فيه هذا هو المتبادر وأما ما في نسخ من بناء سئل للمفعول وأعطى للفاعل فلا يلائم ما بعده لأن المحدث بالأفضلية واحد وعلى النسخ الثانية يصير اثنين (وإذا لم يعط) بالبناء للمفعول (استغنى) بالله تعالى ولا يلح في السؤال ولا يبرم في المقال ولا يذل نفسه بإظهار الفاقة ويدنس عرضه بالتخلق بأخلاق المسكنة (خط عن ابن عمرو) بن العاص وكلام المصنف يؤذن بأن هذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وإلا لما أبدى النجعة عازيا للخطيب وهو ذهول فقد خرجه ابن ماجة في الزهد من حديث ابن عمرو هذا بلفظ أفضل المؤمنين المقل الذي إذا سأل أعطي وإذا لم يعط استغنى.
1295 - (أفضل المؤمنين رجل) مؤمن (سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء سمح الاقتضاء) أي سهل إذا باع أحدا شيئا سهل إذا اشترى من غيره شيئا، وسهل إذا قضى ما عليه، سهل في مطالبته غيره بماله عليه ولا يمطل غريمه مع قدرته على الوفاء ولا يضيق على المقل ولا يلجئه لبيع متاعه بدون ثمن المثل ونحو ذلك والترغيب في المساهلة في التبايع قد يعارض خبر الديلمي ماكس عن درهمك وهذا صحيح وذاك منكر (طس عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: رجاله ثقات.
1296 - (أفضل الناس مؤمن يجاهد في سبيل الله) قال ابن حجر: أراد بالمؤمن هنا من قام بما تعين عليه ثم حصل هذه الفضيلة لا أن المراد من اقتصر على الجهاد وأهمل الفروض العينية (بنفسه وماله) لما فيه من بذلهما لله مع النفع المتعدي. قالوا ثم من يا رسول الله؟ قال (ثم) يلي المجاهد في الفضل (مؤمن) منقطع للتعبد (في شعب من الشعاب) بالكسر فرجة بين جبلين وليس بقيد بل مثال إذ الغالب على الشعاب الخلو من الناس فلذلك مثل به للعزلة والانفراد (يتقي الله) أي يخافه فيما أمر ونهى (ويدع) أي يترك (الناس من شره) فلا يشاورهم ولا يخاصمهم بل ينفرد بمحل بعيد عنهم لأن من خالط الأنام قلما يسلم من ارتكاب الآثام وهذا صريح في تفضيل الانفراد لما فيه من السلامة من الغيبة واللغو وغير ذلك وأما اعتزال الناس بالكلية فجعله الجمهور ومنهم النووي محله في زمن الفتنة