فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٠
عطية لا تلزم المعطي (حم طب عن معاذ بن أنس) قال العراقي: سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي وتبعه المنذري فقال فيه زبان بن فايد ضعيف وأقول فيه أيضا ابن لهيعة وحاله معروف وسهل بن معاذ أورده الذهبي في الضعفاء وقال ضعفه ابن معين.
1288 - (أفضل القرآن الحمد لله رب العالمين) أي أعظم القرآن أجرا وأكثره مضاعفة للثواب قراءة سورة الحمد لله رب العالمين وهي الفاتحة، بمعنى أن الله سبحانه جعل قراءتها في الثواب كقراءة أضعافها من سورة أخرى قال التوربشتي: وإنما كانت أفضل اعتبارا لعظم قدرها وتعريفا بالخاصية التي لم يشاركها فيها غيرها ولاشتمالها على معان وفوائد كثيرة مع وجازة ألفاظها ولذلك سميت أم القرآن لاشتمالها على المعاني التي فيه من الثناء عليه والتعبد بالأمر والنهي والوعد والوعيد وغير ذلك وهذا ينبئك بتأويل ما عليه حجة الإسلام ومن على قدمه من أن بعض القرآن أفضل من بعض وردوا على من ذهب إلى المنع ولا حجة له عند التأمل في قوله التفضيل يوهم نقص المفضل عليه قال الغزالي:
وإنما قال في الفاتحة أفضل وفي آية الكرسي سيدة لأن الجامع بين فنون الفضل وأنواعه يسمى أفضل إذ الفضل الزيادة والأفضل هو الأزيد والسؤدد رسوخ في معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع ويأبى التبعية والفاتحة تتضمن التنبيه على معان كثيرة ومعارف مختلفة فكانت أفضل وآية الكرسي تشتمل على المعرفة العظمى المتنوعة التي يتبعها سائر المعارف فاسم السيادة بها أليق (ك هب عن أنس) ابن مالك.
1289 - (أفضل القرآن سورة البقرة) أي السورة التي ذكرت فيها البقرة، ولا يناقضه ما قبله أن الفاتحة أفضل لأن المراد أن البقرة أفضل السور التي فصلت فيها الأحكام. ضربت فيها الأمثال وأقيمت فيها الحجج لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه من ذلك (أو أعظم آية منها آية الكرسي)، لاحتوائها على أمهات المسائل ودلالتها على أنه سبحانه واحد متصف بالحياة قائم بنفسه، مقوم لغيره، منزه عن التحيز والحلول، مبرأ عن التغير والفتور، لا يناسب الأشباح، ولا يعتريه ما يعتري الأرواح، مالك الملك والملكوت، ذو العظمة والجبروت، مبدع الأصول والفروع، ذا البطش الشديد، الذي لا يشفع عنده إلا لمن أذن له العالم بالأشياء كلها، واسع الملك والقدرة، متعال عن أن يدركه وهم، عظيم لا يحيط به فهم. والإخلاص أفضل لأن السورة لوقوع التحدي بها أفضل من الآية ولأن الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفا وآية الكرسي اقتضته في خمسين (إن الشيطان) إبليس أو أعم (ليخرج من البيت) يعني المكان بيتا كان أو غيره من أجل (أن يسمع تقرأ فيه سورة البقرة) يعني بيأس من إغواء أهله لما يرى من جدهم واجتهادهم في الدين، وخص سورة البقرة لكثرة أحكامها وأسماء الله فيها أو لسر علمه الشارع، والسورة الطائفة من القرآن وأقلها ثلاث، وواوها أصلية من سور البلد
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»