فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٥
1276 - (أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته) لأنه كما قال النووي أبعد عن الرياء وليتبرك البيت بذلك فتنزل فيه الرحمة ويخرج الشيطان وعليه يمكن أن يخرج بقوله في بيته ببيت غيره ولو أمن من الرياء كذا في الفتح (إلا المكتوبة) أي المفروضة فإنها ليست في بيته أفضل بل في المسجد أفضل لأن الجماعة تشرع لها فهي في محلها أولى إلا في صورة مبينة في الفروع وظاهره بشمل كل نفل لكنه محمول عليه ما لا يشرع له التجميع وما لا يخص المسجد كالتحية كذا قرروه قال ابن حجر: ويحتمل أنه أراد بالصلاة ما يشرع في البيت وفي المسجد معا فلا تدخل التحية أو أنه لم يرد بالمكتوبة المفروضة بل ما تشرع فيه الجماعة وفيما وجب لعارض كمنذورة احتمال وأراد بالمرء جنس الرجل فخرج النساء بقرينة خبر مسلم وبيوتهن خير لهن (ن طب عن زيد بن ثابت) ابن الضحاك الأنصاري البخاري كاتب الوحي قضية صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وإلا لما ساغ له العدول عنه لغيره على قانون الصناعي وهي ذهول فاحش فقد خرجاه معا باللفظ المذكور.
1277 - (أفضل الصوم بعد رمضان شعبان) لأن أعمال العباد ترفع فيه في سنتهم (لتعظيم رمضان) أي لأجل تعظيمه لكونه يليه، فصومه كالمقدمة لصومه وهذا لعله قاله قبل أن يعلم فضل صوم محرم أو أن ذلك أفضل شهر يصام كاملا وهذا أفضل شهر يصام أكثره كما يشير إليه رواية صوم في شعبان أو أن ذاك أفضل شهر يصام مستقلا وهذا أفضل شهر يصام تبعا (وأفضل الصدقة صدقة رمضان) لأنه موسم الخيرات والعبادات ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان حين يأتيه جبرائيل فيعارضه القرآن (ت) واستغربه (هب) كلاهما من حديث صدقة بن موسى عن ثابت (عن أنس) قال الذهبي في المهذب صدقة ضعفوه.
1278 - (أفضل الصوم صوم أخي) في النبوة والرسالة (داود كان يصوم يوما ويفطر يوما)، فهو أفضل من صوم الدهر لأنه أشق على النفس كما مر وربما فوت بعض الحقوق هذا مع ما في فطر يوم من الرفق بالبدن وعدم إنهاكه، وذكر بعض الشافعية أن من فعله فوافق فطره يوما يسن صومه كالاثنين والخميس يكون فطره فيه أفضل ليتم له فطر يوم وصوم يوم (و) كان (لا يفر إذا لاقى) أي ولأجل تقويه بالفطر كان لا يفر من عدوه إذا لاقاه للقتال فلو أنه سرد الصوم فربما أضعف قوته وأنهك جسمه ولم يقو على قتال الأبطال فصوم يوم وفطر يوم جمع بين القربتين والقيام بالوظيفتين فإن الله لم يتعبد عبده بالصوم خاصة فلو استفرغ جهده قصر في غيره فالأولى الاقتصار ليبقى بعض قوة لغيره
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»