فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٧٣
(تقول) أي أي شئ تقوله (في هذا الرجل (1) لمحمد) أي في محمد صلى الله عليه وسلم وقال الطيبي قوله لمحمد بيان من الراوي للرجل أي لأجل محمد ولم يقولا رسول الله أو النبي امتحانا له واغرابا على المسؤول لئلا يتلقى تعظيمه منهما فيقول تقليدا لا اعتقادا وفهم بعض من لفظ الإشارة أنه يكشف له عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يراه عيانا فيقال ما تقول في هذا وأبطله ابن جماعة بأن الإشارة تطلق في كلامهم على الحاضر والغائب كما يقول المرء لصاحبه ما تقول في هذا السلطان وهما لم يرياه (فأما المؤمن) أي الذي قبض على الإيمان (فيقول) بعزم وجزم من غير تلعثم ولا توقف (أشهد أنه عبد الله ورسوله) إلى كافة الثقلين (فيقال) أي فيقول له الملكان المذكوران أو غيرهما (انظر إلى مقعدك من النار) أبي داود فيقال له هذا بيتك كان في النار ولكن الله عصمك ورحمك (قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة) أي محل قعودك فيها (فيراهما جميعا) أي يرى مقعده من النار ومقعده من الجنة فيزداد فرحا إلى فرح ويعرف نعمة الله عليه بتخليصه من النار وإدخاله الجنة وأما الكافر فيزداد غما إلى غم وحسرة إلى حسرة بتفويت الجنة وحصول النار له (ويفسح له في قبره) أي يوسع له فيه (سبعون ذراعا) (2) يعني شيئا كثيرا جدا فالسبعين للتكثير لا للتحديد كما في نظائره (ويملأ عليه خضرا) أي ريحانا ونحوه ويستمر كذلك (إلى يوم يبعثون) من القبور (وأما الكافر) أي المعلن بكفره (أو المنافق) الذي أظهر الإسلام وأبطن الكفر وهذا شك من الراوي أو بمعنى الواو قال ابن حجر والروايات كلها مجمعة على أن كلا منهما يسأل انتهى وفيه رد لقول ابن عبد البر لا يسأل الكافر لكن رجحه المصنف في أرجوزته قيل والسؤال من خصائص هذه الأمة وقيل لا وقيل بالوقف وقيل والمؤمن يسأل سبعا والمنافق أربعين صباحا (فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال له (3) لا دريت) بفتح الراء (ولا تليت) من الدراية والتلاوة أصله تلوت أبدلت الواو ياء لمزاوجة دريت ومجموع ذلك دعاء عليه أي لا كنت داريا ولا تاليا (4) أو أخبار له أي لا علمت بنفسك بالاستدلال ولا اتبعت العلماء بالتقليد فيما يقولون ذكره ابن بطال وغيره وقال الخطابي هكذا يرويه المحدثون وهو غلط وصوابه أتليت بوزن أفعلت من قولك

(1) قوله في هذا الرجل زاد أبو داود في أوله ما كنت تعبد فإن هداه الله قال كنت أعبد الله فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فالاقتصار على البعض من بعض الرواة قال ابن مردويه فما يسأل عن شئ غيرهما من التكليفات ويؤيده ما روي عن ابن عباس في قوله تعالى * (يثبت الله الذين آمنوا الآية) * [إبراهيم: 27] قال الشهادة يسألون عنها في قبورهم بعد موتهم قيل لعكرمة ما هو قال يسألون عن الايمان بمحمد وأقر التوحيد انتهى.
(2) زاد ابن حبان في سبعين أي توسعة عظيمة جدا.
(3) أي يقول له الملكان أو غيرهما.
(4) والمعنى لا فهمت ولا قرأت أو لا دريت ولا اتبعت من يدري.
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»