وتعب بدنه وشرهت نفسه وازدادت الدنيا منه بعدا وهو لها أشد طلبا فمن رأى نفسه مائلة إلى الآخرة فليشكر ربه على ذلك ويسأله الازدياد من توفيقه ومن وجد نفسه طامحة إلى الدنيا فليتب إلى الله ويستغيث به في إزالة الفقر من بين عينيه والحرص من قلبه والتعب من بدنه قال ابن القيم ولولا سكرة عشاق الدنيا لاستغاثوا من هذا العذاب على أن أكثرهم لا يزال يشكو ويصرخ منه ومن عذابهم اشتغال القلب والبدن بتحمل أنكاد الدنيا ومجاذبة أهلها إياها ومقاساة معاداتهم ومن أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب، ومحب الدنيا لا ينفك من ثلاث هم لازم وتعب دائم وحسرة لا تنقضي (حم في الزهد) أي في كتاب الزهد له (عن الحسن مرسلا) وهو البصري.
2066 - (إن العبد إذا صلى) فرضا أو نفلا (في العلانية) بالتخفيف كما في المصباح أي حيث يراه الناس وإعلان الشئ إظهاره وعلن ظهر وأمر علان ظاهر (فأحسن) صلاته (1) (وصلى في السر) أي حيث لا يراه الناس وهو ضد العلن (فأحسن قال الله تعالى) مظهرا لثنائه على ذلك العبد الملأ الأعلى ناشرا لفضله منوها برفع درجته إلى مقام العبودية الذي هو أفخر المقامات وأسنى الدرجات (2) (هذا عبدي حقا) مصدر مؤكد أي حق ذلك حقا وأراد بالإحسان فيها أن يصليها محتملا لمشاقها محافظا على ما يجب فيها من إخلاص القلب وحفظ النيات ودفع الوسواس ومراعاة الآداب والاحتراس من المكاره مع الخشية والخشوع واستحضار العلم بأنه انتصب بين يدي جبار السماوات ليسأل فك الرقاب من سخطه (ه عن أبي هريرة) وفيه بقية وقد سبق عن ورقاء اليشكري وقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال لينه ابن القطان.
2067 - (إن العبد ليؤجر في نفقته كلها) أي فيما ينفقه على نفسه وعلى من عليه مؤونته (إلا في البناء) الذي لا يحتاجه أو المزخرف أما بيت يقيه من نحو حر وبرد ولص أو جهة قريبة كمسجد ومدرسة ورباط وحوض ومصلى عيد ونحوها فمطلوب محبوب وفاعله على الوجه المطلوب شرعا محتسبا مأجورا لأن المسكن كالغذاء في الاحتياج إليه وفضل بناء المساجد ونحوها معروف وعلى الزائد على الحاجة ينزل خبر القبة السابق وما ذكر من أن اللفظ إلا في البناء هو ما في خط المصنف فمن زعم أنه إلا في البنيان لم يصب وإن كانت رواية (ه عن خبأت) بن الأرت.