فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٧٥
منواله في الاتساع والانجماع قال مجاهد من كان عنده من هذا المال ما يقيمه فليقتصد (1) أي في الإنفاق فإن الرزق مقسوم ولعل ما قسم له قليل وهو ما ينفق نفقة الموسع عليه فينفق جميع ما في يده ثم يبقى طول عمره في فقر ولا يتأولن * (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه) * [سبأ: 39] فإن هذا في الآخرة (حل) من حديث جعفر بن كزال بن إبراهيم بن بشير المكي عن معاوية بن عبد الكريم عن أبي حمزة (عن ابن عمر) ثم قال أبو نعيم غريب من حديث معاوية مسندا متصلا مرفوعا وإنما يحفظ من قبل الحسن انتهى وجعفر بن محمد بن كزال قال الذهبي قال الدارقطني ليس بقوي وإبراهيم بن بشير المكي ضعيف ومعاوية قال أبو حاتم لا يحتج به ورواه البيهقي أيضا من هذا الوجه ثم قال هذا حديث منكر 2074 - (إن العجب) بضم فسكون وهو نظر الإنسان إلى نفسه بعين الاستحسان (ليحط) بضم التحية أي يفسد ويهدم (عمل سبعين سنة) أي مدة طويلة جدا فالمراد بالسبعين التكثير على وزان ما قيل * (في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا) * [الحاقة: 32] وذلك لأن المعجب يستكثر فعله ويستحسن عمله فيكون كمن أصابه عين فأتلفته ولهذا قال الحكماء العجب إصابة العمل بالعين وسيجئ خبر إن العين تدخل الرجل القبر فكما أن العين تميت الإنسان فكذا تميت أعماله وتبطل أفعاله وربما استحكمت الغفلة على الإنسان فرأى طاعته بحوله وقوته ولا يرى لله عليه منة في إحداث القوة لها وخلق الاستطاعة لكسبها فإن الذي يدخل عليه في اعتقاده أكثر مما يدخل عليه من العجب بأفعاله قال بعض العارفين من أعجبته نفسه وأحوالها لا بثبت له قدم في العبودية لأنه مراء في أفعاله وأحواله فهو واقف مع وجوده وإيجاده وعزه في نفسه فهو لا ينتفع بعلم ولا ينفعه عمل قال الغزالي والناس في العجب ثلاثة أصناف صنف هم المعجبون بكل حال وهم القدرية والمعتزلة الذين لا يرون لله عليهم منة في أحوالهم وينكرون العون والتوفيق الخاص لشبه استولت عليهم وصنف هم الذاكرون المنة بكل حال وهم المستقيمون لا يعجبون بشئ من الأعمال وذلك لبصيرة أكرموا بها وتأييد خصوا به وصنف مخلطون وهم عامة أهل السنة تارة يتنبهون فيذكرون منة الله وتارة يغفلون فيعجبون لمكان الغفلة العارضة والقترة في الاجتهاد والنقص في البصيرة إلى هنا كلام الغزالي ثم نقل بعد ذلك عن شيخه إمام الحرمين أن العجب يذهب إضعاف العمل فقط (تنبيه) قال في المناهج وعرف بعضهم العجب بأنه استعظام النعمة مع نسيان إضافتها للمنعم ويتولد الكبر منه ومن آفاته نسيان الذنوب لظنه الاستغناء بسبب إعجابه بنفسه والعمى عن آفات الأعمال فيضيع عمله لأنه إذا لم يفتقده لم يخرج من شوائب الإبطال فلذلك قال إنه يحبطه قالوا والمعجب يمنعه إعجابه من الاستفادة والاستشارة واستماع النصح ويجره إلى احتقار الخلق والعمى عن وجه الصواب في دينه ودنياه (فر) عن الحسين بن علي أمير المؤمنين وفيه موسى بن إبراهيم المروزي أورده الذهبي في الضعفاء وقال قال الدارقطني متروك.

(1) أي ينبغي له أن ينفق بقدر ما رزقه الله من غير ضجر ولا قلق ويعلم أن مشيئة الله في بسط الرزق وضيقه لحكمة ومصلحة.
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»