فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٢
(بسبعمائة ضعف) على حسب ما اقترن به من إخلاص النية والخشوع وغير ذلك وفي بعض الروايات إن الصوم يضاعف فوق ذلك بما لا يعلم قدر ثوابه إلا الله لأنه أفضل أنواع الصبر وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وفي خبر من قال سبحان الله كتب له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة وما ذكر بالنسبة للصلاة والصوم ظاهر وأما الذكر فالظاهر أنه خرج جوابا لسؤال سائل عجز عن الجهاد أو فغير ليس معه ما ينفقه فأخبره بأن ثواب العبادة في حقه يربو على ثواب ذي المال الصارف له في شؤون الغزو ومتعلقاته وذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال بل قد يعرض للجهاد ما يصيره أفضل من الصلاة والصيام وباقي أركان الإسلام كما مر (د ك) في الجهاد عن (معاذ بن أنس) قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي.
2055 - (إن الصلاة قربان المؤمن) أي يتقرب بها إلى الله تعالى ليعود بها وصل ما انقطع وكشف ما انحجب وهي أعظم العبادات المتعلقات بالإيمان المثابر عليها سابق الخوف المبادر لها تشوقا بصدق المحبة فالعابد من ساقه الخوف إليها والعارف من قاده الحب إليها وهي بناء وعمود وأركان وحظيرة محوطة فالعمود الإيمان وإفراد التذلل إلى الله تعالى توحيدا * (اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) * [النساء: 36] وهو أول ما أقام الله من بناء الدين ولم يفرض غيره نحو عشر سنين ثم لما دخل الإسلام من لا يبعثه الحب على الصلاة فرضت الخمس فاستوى في فرضها المحب والخائف وسن النبي صلى الله عليه وسلم التطوع على ما كان أصلها، ذكره الحرالي، قال القاضي والقربان اسم لما يتقرب إلى الله تعالى كما أن الحلوان اسم لما يحل أي يعطى وهو في الأصل مصدر ولذلك لم يثن اه‍ وغير الصلاة من العبادات يتقرب به أيضا لكن المراد هنا أن شأن المؤمن الكامل وهو المتقي أن يكون اهتمامه بالتقرب بها لكونها أفضل القرب وأعظم المثوبات وبذلك تحصل الملاءمة بين قوله هنا المؤمن وقوله في الخير الآتي الصلاة قربان كل تقي (1) (عد عن أنس) بن مالك بإسناد ضعيف لكن يقويه الخبر الآتي الصلاة قربان كل تقي.
2056 - (إن الضاحك في الصلاة) فرضها ونفلها (والملتفت) فيها عن يمينه أو يساره بعقته (والمنقطع أصابعه) أصابع يديه أو رجليه (بمنزلة واحدة) حكما وجزاءا ومذهب الشافعي أن الثلاثة

(1) ولا يعارض عموم قوله هنا المؤمن قوله في حديث كل تقي لأن مراده أنها قربان للنافص والكامل وهي للكامل أعظم لأنه يتسع فيها من ميادين الأبرار ويشرق له من شوارق الأنوار ما لا يحصل لغيره ولذلك رؤي الجنيد فقيل له ما فعل الله بك قال طاحت تلك الإشارات وغابت تلك العبارات وفنيت تلك العلوم وبليت تلك الرسوم وما نفعنا إلا ركعات كنا نركعها عند السحر.
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»