فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٣
مكروهة تنزيها ولا تبطل بها الصلاة ما لم يظهر من الضحك حرفان أو حرف مفهم أو يتوالى مما بعده ثلاثة أفعال وما لم يتحول صدره عن القبلة ولا بطلت صلاته وتفقيع الأصابع فرقعتها وقد كرهه السلف كابن عباس وغيره وصرح النووي بكراهته لقاصد المسجد أيضا قياسا على التشبيك (حم طب هق عن معاذ بن أنس) قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي فيه ابن لهيعة يرويه عن زياد بن فائد ضعيف قال الهيثمي فيه ابن لهيعة وفيه كلام معروف عن زياد بن فائد وهو ضعيف.
2057 - (إن الطير) بسائر أنواعها (إذا أصبحت) أي دخلت في الصباح (سبحت ربها) بلسان القال كما يعلم من خطاب الطير لسليمان وفهمه وفهم غيره أيضا من بعض الأولياء لكلامهما * (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) * [الاسراء: 44] (وسألته قوت يومها) أي طلبت منه تيسير حصول ما يمسك رمقها ويقوم بأودها من الأكل ذلك اليوم لعلها بالإلهام الإلهي أن ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها وأنه لا رزاق غيره، ومفهوم الحديث أنه إذا كانت الطير كذلك فالآدمي العاقل ينبغي أن يسأل الله تعالى ذلك في كل صباح ومساء وأن يبكر في طلب رزقه فإن الصبحة تمنع الرزق قال القاضي والطير مصدر سمي به أو جمع كصحب (خط) في ترجمة عبيد بن الهيثم الأنماطي عن الحسين بن علوان عن ثابت بن أبي صفية عن علي بن الحسين عن أبيه (عن علي) أمير المؤمنين قال ثابت: كنا مع علي بن الحسين بمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمر بنا عصافير يصحن فقال: أتدرون ما تقول؟
قلنا لا قال أما إني لا أعلم الغيب لكن سمعت أبي عن جدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره والحسين بن علوان أورده الذهبي في الضعفاء وقال متهم متروك.
2058 - (إن الظلم) في الدنيا (ظلمات) بضم اللام وتفتح وتسكن وجمعها لكثرة أسبابها (يوم القيامة) حقيقة بحيث لا يهتدي صاحبه يوم القيامة بسبب ظلمه في الدنيا وأن المؤمن يسعى بنوره المسبب عن إيمانه في الدنيا أو مجازا عما يناله في عرصاتها من الشدائد والكروب أو هو عبارة عن الأنكال والعقوبات بعد دخول النار ويدل على الأول قول المنافقين للمؤمنين * (انظرونا نقتبس من نوركم) * ووحد المبتدأ وجمع الخبر إيماء إلى تنوع الظلم وتكثر ضروبه كما سبق، ثم هذا تحذير من وخامة عاقبة الظلم لكل من ظلم غيره أو نفسه بذنب يقترفه وقد تطابقت الملل والنحل على تقبيح الظلم (1)، ومن أحسن ما قيل:

(١) قال العلقمي الظلم يشتمل على معصيتين أخذ حق الغير بغير حق ومبارزة الرب بالمخالفة والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالبا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار وإنما ينشأ الظلم من ظلمة القلب لأنه لو استشار بنور الهدى لاعتبر فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتفت ظلمات الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئا.
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»