فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٦
العلماء لولا أن الحق سبحانه أمرنا بالاستعاذة منه ما استعذت منه لحقارته (طب) من طريق الأوزاعي وكذا ابن منده وأبو نعيم (عن سديسة) بالتصغير الأنصارية قيل هي مولاة حفصة بنت عمر قال الهيثمي ولا يعلم للأوزاعي سماع من أحد من الصحابة ورواه في الأوسط عن الأوزاعي عن سالم عن سديسة وهو الصواب وإسناده حسن إلا أن عبد الرحمن بن الفضل بن موفق لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا.
2027 - (إن الشيطان ليأتي أحدكم وهو في صلاته فيأخذ بشعرة من دبره فيمدها فيرى) أي يظن المصلي (أنه أحدث) بخروج ريح من دبره فإذا وقع ذلك (فلا ينصرف) من صلاته أي لا يتركها ليتطهر ويستأنف (حتى يسمع صوتا) أي صوت ريح يخرج منه (أو يجد ريحا) أو يشم رائحة خرجت منه وهذا مجاز عن تيقن الحدث لأنها سبب للعلم به فالمدار على تيقن الحدث بذلك أو بغيره ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين كما في الديباج لأنه قد يكون أصم أو أخشم فذكر ذلك إنما هو جري على الغالب أو خروج على سؤال وفيه أن خروج الخارج من قبل أو دبر يوجب الحدث بخلاف الشك فيه وهذا أصل قاعدة عظيمة وهي أن التيقن لا يرفع بالشك والمراد به مطلق التردد الشامل للظن والوهم فيعمل باليقين استصحابا له فمن تيقن الطهر وشك في ضده أخذ بالطهر هبه في صلاة أم لا وإنما ذكر الصلاة لذكرها في سؤال سائل فلا يعتبر في الحكم كما لا يعتبر فيه كونه في المسجد كما جاء في رواية والكلام على القاعدة المذكورة مبسوط في كتب الفقه وهذا أصل قاعدة إن اليقين لا يرفع بالشك.
(تنبيه) قال الغزالي الشيطان يأتي ابن آدم من قبل المعاصي فإن امتنع أتاه من وجه النصح حتى يلقيه في بدعة فإن أبى أمره بالتحرج والشدة حتى يحرم ما ليس بحرام فإن أبى شككه في وضوئه وصلاته حتى يخرج عن العلم فإن أبى خفف عليه أعمال البر حتى يراه الناس صابرا عفيفا فيميل قلبه إليهم ويعجب بنفسه وبه يهلكه وعنده يشد حاجه لأنه آخر درجاته ويعلم أنه لو جاوزه أفلت منه إلى الجنة (حم ع عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي فيه علي بن زيد اختلف في الاحتجاج به.
2028 - (إن الشيطان) في رواية مسلم إن إبليس وهو نص صريح في أن المراد بالشيطان هنا إبليس ولا اتجاه لترديد أمير المؤمنين في الحديث: الحافظ ابن حجر بقوله المراد بالشيطان إبليس أو جنس الشيطان لأنه الشيطان الأكبر كما قاله الحافظ العراقي (إذا سمع النداء بالصلاة) أي الأذان لها (حال) قال في المصباح حال حولا من باب قال إذا مضى ومنه قيل للعام ولو لم يمض حول لأنه
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»