فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٥
2004 - (إن الروح إذا قبض تبعه البصر) فينبغي تغيمضه لئلا يقبح منظره قال القاضي يحتمل أن الملك المتوفى للمحتضر يتمثل له فينظر إليه نظرا شزرا ولا يرتد إليه طرفه حتى تفارقه الروح وتضمحل بقايا القوى ويبطل البصر على تلك الهيئة فهو علة للشق ويحتمل كونه للإغماض لأن الروح إذا فارقته تتبعه الباصرة في الذهاب فلم يبق لانفتاح بصره فائدة انتهى وقول النووي معناه إذا خرج الروح من الجسد تبعه البصر ناظرا أين تذهب تعقبه السيوطي بأنه يبصر ما دام الروح في البدن فإذا فارقه تعطل الإبصار كما يتعطل الإحساس قال والذي ظهر لي بعد النظر ثلاثين سنة أن يجاب بأحد أمرين الأول أن ذلك بعد خروج الروح من أكثر البدن وهي بعد باقية في الرأس والعين فإذا خرج من الفم أكثرها ولم تنته كلها نظر البصر إلى القدر الذي خرج وقد ورد أن الروح على مثال البدن وقدر أعضائه فإذا خرج بقيتها من الرأس والعين سكن النظر فيكون قوله إذا قبض معناه إذا شرع في قبضه ولم ينته، الثاني أن الروح لها اتصال بالبدن وإن كانت خارجة عنه يرى ويسمع ويعلم ويرد السلام ويكون هذا الحديث من أقوى الأدلة على ذلك اه‍ وقد مرت الإشارة إلى ذلك وبيان الأصوب فيه، والروح قد خاض سائر الفرق غمرة الكلام فيها فما ظفروا بطائل ولا رجعوا بنائل وفيها أكثر من ألف قول قال ابن جماعة وليس فيها قول صحيح بل هي قياسات وتخييلات عقلية وجمهور أهل السنة على أنها جسم لطيف يخالف الأجسام بالماهية والصفة متصرف في البدن حال فيه حلول النار في الفحم والزيت في الزيتون يعبر عنه بأنا وأنت وذهب الإمام والغزالي وكبير من الصوفية إلى أنه مجرد غير حال في البدن يتعلق به تعلق العاشق بالمعشوق ويدبر أمره على وجه لا يعلمه إلا الله (حم م ه عن أم سلمة) زوجة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالت دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم ذكره فضج الناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه، رواه مسلم.
2005 - (إن الزناة يأتون) يوم القيامة إلى الموقف (تشتعل) أي تضطرم (وجوهم) أي ذواتهم والتعبير بالوجه عن الذات شائع غير عزيز ولا مانع من إرادة الوجه فقط وإن كان الأول أشبه (نارا) لأنهم لما نزعوا لباس الإيمان عاد تنور الشهوة الذي كان في قلوبهم تنورا ظاهرا يحمى عليه بالنار لوجوههم التي كانت ناظرة إلى المعاصي، وهذا تهديد شديد قصد به الردع لكون القوم كانوا حديثي العهد بجاهلية وكان الزنا في الجاهلية متعارفا لا نكير فيه ولا عار عليه بينهم مع أن في طيه فساد الجمهور وخراب المعمور وخلط الأنساب (طب عن عبد الله بن بسر) بباء موحدة مضمومة وسين مهملة وعبد الله بن بسر في الصحابة اثنان مازني وبصري والمراد هنا الثاني وكان ينبغي للمؤلف تمييزه قال الهيثمي وفيه محمد بن عبد الله بن بسر ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات وقال المنذري في إسناده نظر.
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»