فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٩
العلم للعلماء فإن العامي إذا زنى أو سرق خير له من أن يتكلم في العلم بالله بغير إتقان وإلا وقع في الكفر من حيث لا يدري كمن يركب لجة البحر ولا يعرف السباحة، ومكايد الشيطان فيما يتعلق بالعقائد والمذاهب لا تحصر (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي في كتابه (مكايد الشيطان عن عائشة) قضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة عازيا لابن أبي الدنيا وهو عجيب فقد خرجه الإمام أحمد وأبو يعلى والبزار قال الحافظ العراقي ورجاله ثقات.
2031 - (إن الشيطان واضع خطمه) أي فمه وأنفه والخطم من الطير منقاره ومن الدابة مقدم أنفها وفمها (على قلب ابن آدم فإن) وفي نسخة فإذا والأولى هي الثابتة بخط المصنف (ذكر الله تعالى خنس) انقبض وتأخر (وإن نسي الله التقم قلبه) فبعد الشيطان من الإنسان على قدر ملازمته للذكر والناس في ذلك متفاوتون ولهذا تجنب أولياء الرحمن قال أبو سعيد الخراز رأيت إبليس فأخذ عني ناحية فقلت تعال فقال أيش أعمل بكم لزمتم الذكر وطرحتم ما أخادع به قلت ما هو قال الدنيا فولى عني ثم التفت وقال بقي لي فيكم لطيفة قلت ما هي قال السماع وصحبة الأحداث قال الغزالي مهما غلب على القلب ذكر الدنيا ومقتضيات الهوى وجدت الشيطان مجالا فوسوس إلى ذكر الله ارتحل الشيطان وضاق مجاله وأكثر القلوب قد افتتحها جند الشيطان وملكوها ومبدأ استيلائه اتباع الهوى ولا يمكن فتحها بعد ذلك إلا بتخلية القلب عن قوت الشيطان وهو الهوى والشهوات وعمارته بذكر الله وقال الحكيم قد أعطي الشيطان وجنده السبيل إلى فتنة الآدمي وتزيين ما في الأرض له طعما في غوايته فهو يهيج النفوس إلى تلك الزينة تهييجا يزعزع أركان البدن ومستقر القلب حتى يزعجه عن مقره ولا يعتصم الآدمي بشئ أوثق ولا أحصن من الذكر لأنه إذا هاج الذكر من القلب هاجت الأنوار فاشتعل الصدر بنار الأنوار وهيج العدو نار الشهوات فإذا رأى العدو هيجان الذكر من القلب ولى هاربا وخمدت نار الشهوة وامتلأ الصدر نورا فبطل كيده (تنبيه) قال الغزالي أهل المكاشفة من أرباب القلوب يتمثل لهم الشيطان بمثال في اليقظة فيراه الواحد منهم بعينه ويسمع كلامه ويقوم ذلك بمقام حقيقة صورته كما ينكشف في المنام للصالحين وإنما المكاشف في اليقظة هو الذي انتهى إلى رتبة لا يمنعه اشتغال الحواس بالدنيا عن المكاشفة التي تكون في النوم فيرى في اليقظة ما يراه النائم كما روي عن ابن عبد العزيز أن رجلا سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من قلب الآدمي يرى في النوم جسد رجل يشبه البلور يرى داخله من خارجه والشيطان بصورة ضفدع قاعد على منكبه الأيسر له خرطوم طويل أدخله في منكبه إلى قلبه يوسوس إليه فإذا ذكر الله خنس ومثل هذا قد يشاهد في اليقظة وقد رآه بعض المكاشفين بصورة كلب جاثم على جيفة يدعو الناس إليها أو لقصد أن يصدق بأن الشيطان ينكشف لأرباب القلوب وكذا الملك، إلى هنا كلامه (ابن أبي الدنيا) في المكائد (ع هب) كلهم (عن أنس) قال الهيثمي فيه عند أبي يعلى عدي بن أبي عمارة وهو ضعيف.
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»